تحقيقات: هل نحن على حافة حرب المياه … مشكلة العراق المائية .. منابع النهرين تأتي من خارج حدوده

 
 


 حنان عبد العزيز
تنبأ احد المحللين الاستراتيجيين في شؤون الثروات المائية خلال عقد التسعينيات من ان الاعوام المقبلة ستشهد حرباً سرية غير معلنة بين البلدان المتشاطئة والاخرى التي يكون منبع الانهار يأتي منها.. واطلق عليها بـ (حرب المياه) وعلى الرغم من المعاهدات الدولية ومواثيق توزيع هذه الثروات (المائية) قد الزمت تلك البلدان بعدالة توزيع الحصص المقررة وعدم الاجحاف بحق الدول المتلقية للمياه ضمن احواض الانهار، الا ان الممارسات الخفية كما ذهب الى ذلك (المحلل الاستراتيجي) ظلت قائمة مرة بشكل علني يخضع لتأثيرات وتجاذبات سياسية دولية عند اشتداد الازمات ومرة اخرى سرية تبررها الدول المعنية باطلاق الحصص المائية باقامة السدود..



وكان العراق احد هذه البلدان المتضررة من حصصها المقررة بمياه نهري دجلة والفرات اللذين ينبعان من الجارة تركيا..
وعلى هذا الاساس من التجاذب في توزيع الحصص المائية وبحسب الالتزامات الدولية فان هذه المسألة التي شغلت السياسة العراقية واثارت الجدل العميق مع دول الجوار كان لها الكثير من الدوافع والمسببات التي اثرت على مستوى المياه في البلد وجعلته يعاني من شحة غير قليلة من المياه في الفترات الاخيرة وخاصة نهري دجلة والفرات وروافدهما الممتدة في داخل البلاد هذان النهران العظيمان في عطائهما بالنسبة للاراضي الواقعة على المساحات الممتدة بجانبهما فقلة مستوى المياه في هذين النهرين يعني تدمير الكثير من الاراضي المجاورة التي تتغذى في زراعتها على مياههما وان انقطاع المياه من الاراضي المجاورة سوف يؤدي الى كارثة اقتصادية وتجارية وسياسية تؤثر على حياة المواطن العراقي وترهق نفسيته فالمياه سر الحياة والعلم عجز عن كثرة اهميته واستخداماته المتعددة بغض النظر عن اهميته الاساسية للشرب ومن اجل البحث عن مسببات هذه الظاهرة ونتائجها السلبية والايجابية على الاراضي العراقية وما هي السبل الكفيلة لاستمرار امداد المياه الى العراق..
 توجهنا الى البعض من السادة المختصين في هذا المجال لمعرفة المزيد من المعلومات حيث اجابنا د. احمد عمر الراوي استاذ في مركز المستنصرية للدراسات العربية والدولية قائلا ان اهمية المياه تعاظمت اليوم لكونها تمثل احدى المقومات الاساسية للتنمية بمختلف مفاهيمها المعاصرة الاقتصادية والاجتماعية والصحية.
 ونظرا لما يتعرض له مورد المياه من استنزاف وتلوث، بسبب الاستخدام غير الرشيد والسياسات التي تعتمدها بعض الدول لاسيما دول منابع الانهار، قد اثر على كمية ونوعية المياه للدول المتشاطئة على هذه الانهار.. ويعتبر العراق كونه دولة مصب احد الدول المتضررة من سياسات دول المنبع (تركيا وايران وسوريا) ، نتيجة المشروعات والبرامج التي تنفذها الدول المذكورة، دون مراعاة لحقوق العراق بمياه الانهر المشتركة معها، حيث انخفض منسوب نهر الفرات عند الحدود السورية في منطقة القائم من معدله الطبيعي البالغ نحو (28.5) مليار متر مكعب، الى نحو (4، 12) مليار متر، اي بنسبة انخفاض (5، 56%) ، وكانت اكبر نسبة انخفاض في السنة الاولى لملىء الخزان المذكور في العام 1990 التي بلغت بنحو (8، 68%) وقد حاولت السياسات المائية منذ انشاء مجلس الاعمار في العهد الملكي وحتى نهاية التسعينات من القرن الماضي، التركيز على جانب عرض المياه، وتتجلى اهداف هذه السياسة ، في توفير المياه لنحو 12 مليون دونم من الاراضي التي تزرع ريا حاليا، وهي تشكل نحو اكثر من نصف المساحة التي تزرع في العراق، في حين نجد ان المساحة التي تزرع في تركيا باعتمادها على مياه نهري دجلة والفرات لا تشكل سوى (1، 2%) من اجمالي المساحة المزروعة فيها، ونحو (16، 14%) في سوريا من مجموع المساحة الزراعية فيها، الامر الذي يعكس اهمية مياه نهري دجلة والفرات لتنمية الزراعة العراقية..
حفظ وتنمية موارد العراق المائية
ان الاساس في حفظ وتنمية الموارد المائية في العراق، هو الاسراع في عقد اتفاقيات مع كل من تركيا وسوريا وايران بشأن تنظيم عملية استغلال الموارد المائية في حوضي كل من نهري الفرات ودجلة هذا ما اكده الدكتور عصام العطية رئيس قسم القانون الدولي في كلية القانون / جامعة بغداد - مضيفا بان العراق يحتوي على انهار دولية كثيرة اهمها نهري دجلة والفرات، فضلا عن الاحواض المائية للانهار الحدودية العديدة الجارية بين ايران والعراق ، انسجاما مع مبادىء القانون الدولي العام وقواعده العرفية ذات الصلة بالموضوع، وفي ضوء احكام اتفاقية الامم المتحدة لعام 1997 بشأن (استخدام المجاري المائية في الاغراض غير الملاحية) على ان تتضمن هذه الاتفاقيات تحديد حصة مائية ثابتة لكل دولة من هذه الدول في مياه الانهار الدولية الجارية في العراق اضافة الى امتناع الدول المتشاطئة عن القيام باي عمل انفرادي في حوض اي نهر من هذه الانهار من شانه الاضرار بالدول الاخرى المتشاطئة وخصوصا العراق ويجب على هذه الدولة التي تعتزم القيام بمشروع مائي في حوض احد الانهار ان تدخل في مفاوضات مع باقي الدول للحصول على موافقتها .
كما يجب ان تحترم الدول المتشاطئة علاقات حسن الجوار في جميع المسائل المتعلقة باستغلال الموارد المائية. في الوقت الذي يطمح فيه العراق الى عقد مثل هذه الاتفاقيات ضمانا لحقوقه في مياه الانهار الدولية الجارية فيه، فان على الجهات العراقية المعنية، ان تنهج اسلوب الاستغلال الامثل للمياه وترشيد الاستخدامات المتعددة لها. والعمل على الاخذ بالاساليب العلمية الحديثة، وان تعطي اهتماما اكبر لمشروعات الخزن الاستراتيجي لمياه هذه الانهار.
السياسة المائية التركية
تجاه دول الجوار
وقد اشارت الدكتورة خالدة السعدون استاذة في كلية التربية/ الجامعة المستنصرية الى ان المشكلة الرئيسية بالنسبة للعراق تتمثل في ان منابع النهرين تاتي من خارج حدوده من هضبة ارمينية في تركيا والتي اخذت تستحوذ على النصيب الاكبر من مياه النهرين، من خلال اقامة المشاريع وانشاء السدود مما يقلل من كمية المياه المناسبة الى العراق وسوريا في الوقت الذي تزخر تركيا بمواردها المائية العديدة ولا يشكل هذان النهران سوى 30% من مواردها المائية السطحية. حيث ان المنطلق الاساسي للسياسة التركية تجاه هذين النهرين هو عدم اعترافها بدوليتها بل تعتبرهما نهرين عابرين للحدود، لذلك لها الحق في التصرف بمياههما خدمة لمصالحها ، متجاهلة قواعد القانون الدولي الذي يفرض احكاما في الاستفادة من الانهار التي تجري في اكثر من دولة واستثمارها بالشكل الذي لايحدث ضررا لاي طرف مشترك. ولقد قامت تركيا بتنفيذ عدد من المشاريع منها مشروع الكاب الذي يضم 22 سدا و 14 محطة كهربائية على نهري دجلة والفرات واستطاعت انجاز سد اتانورك عام 1992 على نهر الفرات، وتعمل الان على انجاز سد اليسو على نهر دجلة. كما ان الاسباب التي دفعت تركيا لاتباع هذه السياسة في استثمارها للموارد المائية كثيرة الا ان اهمها هو افتقارها لمصادر الطاقة ، فارادت ان تعوض عن هذا النقص بالماء، اضافة ما يعانيه ميزانها التجاري من عجز، مقابل الانفاق الكبير على الجوانب العسكرية . حيث ترتب على اقامة هذه المشاريع اضرار كبيرة بالنسبة للعراق تمثلت في حجز 43% من مياه نهر دجلة و 40% من مياه نهر الفرات مما يتسبب باضرار جسيمة ياتي في مقدمتها العجز عن تلبية الاحتياجات المائية في المجالات الحيوية سواء للاستخدامات الخدمية والصناعية والزراعية ، اضافة الى اثار اخرى تنعكس في تقليل المساحات المزروعة وانتشار التصحر، فضلا عن ارتفاع معدلات الملوحة في مياه الانهار مما يساهم في تدهور الثروة السمكية النهرية، كما لها اثر سلبي على البيئة العراقية، اذ ينتج عن استخدام المواد الكيمياوية في الزراعة التركية والتي تصرف مياهها ثانية الى النهر اضرارا جسيمة في تلوث المياه العراقية، كما ان قلة المياه الداخلة الى الاراضي العراقية سيؤثر على عمل السدود ما ينعكس في عمل محطات الكهرباء وامدادات المصانع ومحطات ضخ المياه للشرب . من هنا نجد ان السياسة التركية التي اعتمدت مبدأ القوة بالاستئثار بمياه النهرين من خلال التحكم بمنابعها، بل استخدمته سلاحا ضد دول الجوار لتحقيق مصالحها في المحيط الاقليمي والدولي، وهذه السياسة لا تأتي بنتائج ايجابية في سلم العلاقات الدولية بل على العكس تكون مصدرا للقلق وفقدان السلم . من المفترض على تركيا ان تلجأ الى سياسة الحوار مع الدول المتشاطئة معها على نهري دجلة والفرات وتكون اساسا لايجاد تعاون وفرض تسوية شاملة لمختلف القضايا المتنازع عليها، وانهاء العداء واعادة بناء الثقة بين دول الجوار من اجل ان يحل السلام في المنطقة وجعل المياه مجالا للتعاون بدلا من ان تكون مصدرا لاثارة المشاكل.
المعالجة الاساسية لشحة المياه
الترشيد في استهلاك الماء هو الحل الانسب لمعالجة شحة المياه هذا ما اقترحه المواطن علي البضاني احد موظفي وزارة الموارد المائية قائلا نحن بطبعنا قوم مسرفون في استخدام الماء وهذه هي الحقيقة ويجب علينا الترشيد في استخدام المياه والمحافظة عليها وتقليل الهدر والاسراف في استخدامه فضلا عن انتظار الوعود والعقود التي تروم الدولة الى عقدها مع دول الجوار من اجل ضخ كميات جديدة وزائدة من المياه وهذا الترشيد يجب ان يتبعه الجميع وبامر من الجهات الرسمية عن طريق الاعلام او عن طريق التوجيه المستمر من قبل وزارة الموارد المائيةمن خلال طبع ملصقات والاعلان عنه في محطات الاذاعة والتلفزيون لكي يتعض الناس وينتبهوا الى الكارثة الكبرى التي سوف تحدث في حالة شحة المياه ولكي يتعرفوا الى حقيقة موضوع المياه وكيفية الحفاظ عليها من الهدر فالدولة تصرف مبالغ طائلة من اجل توفيرالماء للمواطن والحفاظ عليه من التلوث لاستخدامه في الشرب والطبخ وتوفيره للزراعة فهل المواطن قادر على توفيره بنفس امكانية الدولة بالطبع لاا فلماذا لا يساعد الدولة في الحفاظ عليه وتوفيره بصورة مستمرة؟
الفلاح اكثر المتضررين
الاراضي الزراعية تشكو العطش هذا العام بسبب قلة المياه الواصلة لها . هذا ما قاله المواطن محمد عباس الغزي الذي يعمل فلاحا في ارضه الواقعة على جانب نهر الفرات في محافظة المثنى مضيفاً بان محاصيلنا اقل من السابق هذا العام بسبب قلة المياه فانا واخواني اضطررنا الى حفر ابار بجانب اراضينا لسقي محاصيلنا ولكن حدثت مشكلة اكبر وهي ان معظم مياه الابار مالحة مما سبب لنا ملوحة في الاراضي وهذا الشيء سبب لنا خسارة كبيرة في محصول هذا العام وخاصة في محصول الشلب الامر الذي دفعنا الى الركود عن الزراعة لفترة معينة والعودة لها بعد مراعاة الدولة للوضع الذي نحن فيه فالفلاح لا يعرف غير مهنته التي تربى عليها وجلوسنا بدون زراعة يعني الجوع والبطالة وسبب بطالتنا هو شحة مياه السقي فنرجو من السادة المسؤولين مراعاة حالة الفلاح وتوفير كل ما يلزمه من المياه لكي يقدرعلى اعطاء المزيد من الانتاج الزراعي.

 

 
 



 صفحة للطباعة صفحة للطباعة

 أرسل هذا الخبر لصديق أرسل هذا الخبر لصديق

 
 

 
 

· البحث في اخبار تحقيقات
· البحث في اخبار جميع الصفحات


أكثر خبر قراءة في تحقيقات:
طرق تربية الاسماك الحديثة