الصفحة الاخيرة: متعة التسوّق التراثي.. أسواق مدينة تونس العتيقة

 
 


تعد مدينة تونس مركزا مهما من مراكز التجارة والصناعة، حيث كانت الأسواق تعمل في تونس في نشاط، وتصدر البضائع إلى بلاد البحر المتوسط، وأهم هذه الصادرات القمح في سنوات الخصب، ثم التمور والزيتون والعسل والشمع والأسماك المملحة والأقمشة والبسط والصوف والجلود المدبوغة والمصنوعات الجلدية والعاج والتحف المصنوعة منه والأبنوس والتوابل الإفريقية وبعض الأخشاب المصنوعة والكتان والقطن والعطور وبعض أصناف النسيج.



وقد اصطفت معظم هذه الأسواق حول الجامع الأعظم الذي يمثل قلب المدينة الحقيقي، وهي أسواق كلها مغطاة تقريبا في مأمن من الشمس والمطر. وأشهر هذه الأسواق سوق العطارين، أو باعة التوابل والعطور، وسوق القماشين، وسوق الصاغة، وسوق الغزل، وسوق القشاشين أو باعة الخردة، وسوق الكتبيين، وسوق باعة الشمع، وسوق العرافين، وغيرها كثير من الأسواق المنتشرة في أنحاء المدينة.
* سوق العطارين: أتى ذكر هذه السوق في كتاب "معالم التوحيد" لبالخوجة وفي "معالم مدينة تونس" لسليمان مصطفى زبيس. وقد تم بناؤها في القرن السابع هجري الموافق للقرن الثالث عشر ميلادي على يد مؤسس الدولة الحفصية أبو زكريا الأول وحسب ما ورد في كتاب محمد الحشايشي "العادات والتقاليد التونسية"، كانت السوق مشهورة بعطور الياسمين والورد وبالعنبر والقماري والحناء.. يمكن الوصول إلى هذه السوق عبر نهج الغرابلية وسوق البلاغجية ونهج سيدي بن عروس شمالا، وعبر سوق الترك غربا وسوق الفكة جنوبا. وتزخر سوق العطارين بالمعالم التاريخية الهامة كجامع الزيتونة والخلدونية ودار الكتب الوطنية وغيرها. *سوق البلاغجية: لقد اختلفت المصادر بشأن هذه السوق: فالبعض ينسبها إلى العاهل الحسيني رشيد ابن حسين ابن علي في حين يعتقد البعض الآخر أنها أسست من قبل علي باشا الثاني سنة 1182هـ/1768م. تقع هذه السوق بين سوق العطارين ونهج القصبة، وقد تخصصت منذ نشأتها في صنع البلغة والكنطرة "أحذية تقليدية.
* سوق الباي: تقع هذه السوق بين نهج القصبة وسوق البركة، وقد أسّسها حمودة باشا "1196هـ/1781م 1228هـ/1813م" وتوجد بجوار قصر الحكومة "دار الباي". وقد كانت مختصة في تجارة السجاد والأقمشة الحريرية والقياطين. وتتعاطى اليوم عدة دكاكين بها تجارة المجوهرات والمعادن الثمينة.
* السوق الجديد: تقع هذه السوق بجوار جامع صاحب الطابع وهي التي تربط باب سيدي عبد السلام بساحة الحلفاوين. أسسها يوسف صاحب الطابع وأشرف على حفل تدشينها حمودة باشا سنة 1228هـ/1813م. ليست لهذه السوق تجارة خاصة وإنما أنشطة تجارية متنوعة، وهي جزء من مركب معماري يحتوي على جامع وتربة ومدرسة وحمام وقصر وسبيل.
* سوق الكبابجية: تسمى هذه السوق بسوق الكبابجية إشارة إلى الحرفيين الذين يقومون بصنع الكبائب "جمع كبة"، وتختص في تجارة الألبسة التقليدية، وهي موازية لسوق البركة وتؤدي إلى سوق الترك من ناحية وإلى سوق السكاجين من ناحية أخرى.
قد تم بناؤها والأسواق المحيطة بها في نفس الفترة التي تأسست فيها سوق الترك وذلك بأمر من يوسف داي خلال القرن الحادي عشر هجري/ السابع عشر ميلادي.
* سوق الكتبية: كانت هذه السوق التي أسست في العهد الحفصي تعرف بسوق "الطيبين" تباع بها الأزهار قصد تقطيرها واستخراج العطور منها التي كانت تباع بسوق العطارين. ثم ونظرا لاقترابها من جامع الزيتونة الذي كان مركزا "للجامعة الزيتونية" نشطت في هذه السوق تجارة الكتب وهو ما يشير إليه اسمها.
* سوق القماش: تقع هذه السوق بالممر الرئيسي الذي يصل بين ضاحيتي باب السويقة وباب الجزيرة غربي جامع الزيتونة، ويغلب الاعتقاد بأن هذه السوق قد أعيد بناؤها في القرن التاسع هجري/ الخامس عشر ميلادي من قبل السلطان الحفصي أبو عمر عثمان خلفا لسوق أخرى، هي سوق الرمّادين. وقد كانت سوق القماش "كما يدل على ذلك اسمها" مشهورة بتجارة القماش المحلي والمستورد خاصة من الهند كقماش القرماسود. أما اليوم، فإنها سوق لتجارة منتوجات الصناعات التقليدية"أغطية، زرابي، مرقوم.."، وتوجد بمدخل السوق بالناحية اليمنى انطلاقا من سوق الترك، الزاوية التي دفن بها العالم ابن عصفور.
* سوق النحاس: يعود تاريخ بناء هذه السوق إلى العهد الحفصي "القرن السابع هجري القرن الثالث عشر ميلادي"، وقد كانت تعرف آنذاك بسوق الصفارين. كان الاختصاص الوحيد لهذه السوق تصنيع النحاس وصنع الأواني النحاسية وطلاؤها وبيعها. وتأوي هذه السوق حاليا إلى جانب نشاطها الرئيسي عدة أنشطة تجارية أخرى.
* سوق السكاجين: يمكن الوصول إلى هذه السوق مرورا بنهج السراجين، وكلمة السكاجين هي في الأصل تحريف لعبارة "الشكازين جمع شكّاز" وهو الحرفي المختص في صنع الأشكز، وهي صناعة تجميل جلد السروج وهي شائعة منذ القرن التاسع هجري/ الخامس عشر ميلادي، وقد تم تجديد هذه السوق في عهد العاهل الحسيني حسين بن علي "1117هـ/ 1705م إلى 1153هـ/ 1740 م"، وقد عرفت بصنع السروج ولوازم الفروسية.
أما اليوم فلم يبق من هؤلاء الحرفيين إلاّ اثنان فقط وقد تحولت دكاكين السوق إلى مغازات لمهن وأنشطة تجارية أخرى.
* سوق الترك: تم بناء هذه السوق في القرن السابع عشر من قبل يوسف داي، وقد كانت تباع بها الأشياء الموروثة "تركة وجمعها ترك". ثم تخصصت في بيع الملابس التقليدية مثل الجبة والفرملة والصدرية والسروال. ومنتوجات الصناعات التقليدية المتنوعة. يمكن الوصول إلى هذه السوق عبر نهج سيدي بن عروس أو عبر أسواق الباي والبركة والكبابجية والقماش والعطارين.
* سوق الشواشين: يشتمل هذا المركب على ثلاثة أسواق: "السوق الحفصي"، "السوق الصغير"، "والسوق الكبير".
وقد تم بناء هاتين الأخيرتين من قبل حمودة باشا الحسيني بين سنتي 1197هـ/ 1782م و1230هـ/ 1814 م. كانت جماعة حرفيي الشاشية إحدى أهم الجماعات والحرف المتعلقة بالشاشية نشاطا تقليديا مربحا أتى به إلى البلاد التونسية المهاجرون القادمون من الأندلس. وقد كان هذا النشاط حكرا على مدينة تونس كما كان له طابع احتفالي وآليات وقواعد خاصة به.
وعلى غرار الحرف التقليدية الأخرى، فقد كان لهذا القطاع أمين يسهر على آداب المهنة وأخلاقياتها ويعمل على تسوية النزاعات فيما بين المهنيين من ناحية وبين الحرفيين والزبائن من ناحية أخرى.

 

 
 



 صفحة للطباعة صفحة للطباعة

 أرسل هذا الخبر لصديق أرسل هذا الخبر لصديق

 
 

 
 

· البحث في اخبار الصفحة الاخيرة
· البحث في اخبار جميع الصفحات


أكثر خبر قراءة في الصفحة الاخيرة:
وفاة الفنان المصري غريب محمود وهو على خشبة المسرح