أبحاث توصل إليها متخصصون .. مناخ الكواكب يفسر تغييرات الأرض
التاريخ: Monday, March 18
اسم الصفحة: علمية


وفقاً لنتائج الأبحاث التي توصل إليها باحثون متخصصون في علم المناخ الفلكي، فإن حالة المناخ السائدة على الكواكب الأخرى في النظام الشمسي هي ركيزة أساسية لمعرفة حالة المناخ السائدة على الأرض، ويمكن أن توفر للعلماء معلومات ثمينة تمكنهم من تحسين النماذج المناخية لكوكب الأرض .



 منذ فترة تهيمن على ذهن الباحثين فكرة "الحالة المناخية المماثلة" فقد كان هؤلاء ينطلقون من الأرض مستعملين النماذج المناخية السائدة عليها ليفسروا ما يحدث على الكواكب الأخرى لكنهم اليوم يفعلون العكس تماماً معتبرين أن هذا الحل هو الوسيلة الناجعة لتجاوز مسألة الحالة الخاصة والوصول إلى الهدف الأسمى وهو إيجاد "نموذج مناخي كوكبي عام" للتنبؤ بما سيكون عليه مناخ الأرض في المستقبل.يقول فرانسوا فورجيه اختصاصي علم المناخ في مختبر علم ديناميكية الطقس في باريس: "لا يمكننا تطبيق نموذج مناخي تم إعداده لدراسة حالة خاصة على أماكن أخرى، فحتى نتنبأ بمناخ بيئة أخرى ينبغي أن نتجاوز النماذج المناخية الحالية المعتمدة على الطرق التجريبية الصادرة بدورها عن مشاهدات راهنة، ونعتمد على معادلات فيزيائية أكثر شمولية من أجل تطبيقها على كواكب أخرى واعتمادها بمثابة النماذج العامة" . ينطلق الباحث فورجيه من القياسات التي أجرتها المجسات الفضائية على مدى السنوات الثلاثين الماضية التي قدمت للعلماء تفاصيل دقيقة عن الأنظمة الجوية للكواكب الأخرى في النظام الشمسي . وقبل أسابيع عدة أكد الخبير الدولي في علم مناخ الكواكب بيل هارتمان أن النماذج المناخية التي تسري على الأرض، تسري على المريخ أيضاً لأن هذه النماذج كانت دقيقة تماماً في تفسير طريقة تشكل الكتل الجليدية على المريخ لكن في المقابل يقول الباحث إن نظرية التكثف المستخدمة عادة لمحاكاة السحب على الأرض لا يمكن تطبيقها على سحب المريخ المكونة من ثاني أكسيد الكربون ما يعني أن ثمة أمراً ما لم نفهمه بعد!
(تريتون) وظاهرة الاحترار
"تريتون" قمر يدور حول نبتون وعليه القليل من الفوهات ونصفه الجنوبي مغطى بالكامل بالثلج المتكون من النيتروجين والميثان المتجمد . تصل درجة الحرارة على سطح "تريتون" إلى (-235 مئوية)، وهذا يرجع إلى نسبة عكسه القليلة لأشعة الشمس وفي مثل تلك الحرارة فإن غازات مثل الميثان والنتروجين وثاني أكسيد الكربون تتجمد وتتصلب.وأكثر ما يثير الاهتمام على "تريتون" وجود براكين الثلج، فالمادة المتفجرة التي تنطلق من داخله مكونة من النيتروجين السائل والغبار والميثان . يقول الباحث فرانسوا فورجيه إن تبخر الجليد القطبي على الأرض يمكن أن يزيد من الضغط الجوي وإنه كلما ازدادت نسبة وجود ثاني أكسيد الكربون كلما ازداد هذا التبخر . ويستخدم الباحثون القياسات التي أجريت على القمر تريتون لضبط نماذج ظاهرة الاحترار التي يقومون دوماً بتعديلها وبالتالي التوصل إلى نتائج جديدة متوقعة للأرض في المستقبل .

دوامات (زحل) ونظرية الأعاصير
كان العلماء في حاجة إلى إعصار كبير جداً كي يحسنوا من النظرية العامة للأعاصير على الأرض ويوجدوا نموذجاً دقيقاً لحركة الرياح في الغلاف الجوي، حيث وجدوا ضالتهم في "زحل" ففي 27 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي صور المجس الفضائي "كاسيني" إعصاراً هائلاً على زحل إلى درجة أن عين الإعصار غطت مساحة قدرها 9 ملايين كيلومتر مربع! وكان القطب الشمالي للكوكب قد شهد زوبعة جراء الرياح التي تصل سرعتها إلى 700 كيلومتر في الساعة وهي صورة مشابهة لكن أكثر حدة من الإعصار الذي تشكل في القطب الجنوبي للأرض قبل فترة . وتحدد هذه الدوامة التبادلات الحرارية بين المنطقة القطبية وكل أجزاء الأرض . ومن خلال المعطيات التي تم جمعها من "زحل" استطاع الباحث أيمريك سيجا من مختبر علم ديناميكية الطقس في العاصمة الفرنسية باريس أن يشكل نموذجاً كلياً لمناخ الأرض على أمل أن يفهم طبيعة الدوامات الكبرى التي يمكن أن تظهر يوماً ما على الأرض.يعتبر كوكب "الزهرة" بمثابة الكابوس والحلم الجميل للعلماء فالضغط على سطحه يبلغ 93 بار أما درجة الحرارة فتبلغ 470 درجة مئوية . وتدور في غلافه الجوي سحب مكونة من حمض الكبريتيك ورياح تصل سرعتها إلى مئات عدة من الكيلومترات في الساعة . ويعتبر "الزهرة" كوكباً مثالياً في برامج المحاكاة الرقمية . ويشير الباحثون إلى أن النماذج الرقمية التي تعطي نتائج مشابهة نوعاً ما على الأرض، تفضي إلى حلول مختلفة عندما يتم تطبيقها على "الزهرة"، ويشير الباحث فورجيه إلى أنه من خلال إظهار بعض التأثيرات الغارقة في التعقيدات الضيقة الموجودة في مناخ الأرض، فإن دراسة الظروف الموجودة على الزهرة يمكن أن تمكننا من فهم الأسباب البسيطة التي تؤدي إلى تأثيرات كبيرة في الأرض كظاهرة التقسيم الطبقي للغلاف الجوي .
المريخ: مختبر مثالي
يعتبر المريخ المختبر المثالي لدراسة الحركات في الغلاف الجوي، ففي جوّه تتشكل على الدوام أعاصير صغيرة جراء الفارق بين هوائه الجاف والبارد وأرضه الساخنة بفعل أشعة الشمس . ويقول الباحث أيمريك سبيجا إن هذه الظاهرة موثقة عند العلماء بالنسبة للمريخ أكثر مما هي موثقة بالنسبة للأرض علماً بأنها من أكثر الظواهر تعقيداً ونمذجة لأنها أساس تشكل السحب وهي حركة من الأسفل إلى الأعلى وتسمى بالحمل الحراري . ويأمل الباحث فورجيه من جهته في إنتاج نماذج أكثر مصداقية على الأرض من خلال دراسة نماذج المريخ.يقول الباحث فورجه إن التنبؤ بمناخ القمر تيتان من خلال نموذج أولي أعد للأرض يعد من النجاحات الكبرى التي حققها علماء المناخ . ويرى فورجيه أن الصور التي أظهرتها كاميرات المجس الفضائي كاسيني للأنهار والبحيرات والأمطار والسحب والأجواء السائدة على سطح تيتان جعلت العلماء ينادونه بحق بتوأم الأرض، اللهم إلا أن الأمطار على سطح تيتان هي من الميثان بدلاً من الماء! من جهته يرى الباحث سيباستيان لوبونيه أن كلتا الدورتين متشابهتان لكنهما مختلفتان في الشكل ومن هنا فكر العلماء إجراء اختبار للنماذج الأرضية على القمر تيتان وتوقعوا ظهور السحب عليه قبل أن تصورها كاميرات المركبة كاسيني.







هذا الخبر من موقع جريدة الجريدة
https://aljaredah.com