الوهن والشحوب يدبان في الحياة الثقافية بالبصرة
التاريخ: Monday, March 18
اسم الصفحة: ثقافية


عباس محسن
منذ سـقوط بغداد في أبريل/نيسان 2003، عاش الابدع العراقـي، كغيره من مواطنيه، مــرارة غزو وطنـه، وزاد عليهم مرارة ثانية جعلت قلمه ينــزو دما وألما وهي وقوعه تحت طائلة غزو "أدبي" سلط عليه من قبل فئة من المشرفين على الشأن الثقافي ومن أتباعهم، وذلك عبر تهديده المباشـر حينا وامتهان كرامته حينـا آخر، وإهمال حاله أحيانا كثيرة، دون الالتزام بقيم حرية التعبير وحق الاختلاف وإبداء الرأي. يعد المثقف عموما من أهم الشرائح التي تُحي المجتمع، ولا يزال عالقا في ذاكرتي ما بقي من الذكريات التي عايشتها أو عشتها مع المثقف العراقي والبصري تحديدا.



 فما إن استقر الوضع الأمني وانتهت العمليات القتالية في مدينة البصرة حتى استولى "الحواسم" على مبنى الاتحاد في البصرة - مقر الاتحاد السابق في حي الزهور في وسط العشار - وصار الأدباء بلا مأوى، وظل يفتقد مبنى يقيم فيه فعالياته والذي ما يزال مسكوناً إلى حد الآن وقد فشلت كل المحاولات لإخراجهم من الاتحاد فعوض الأدباء إحدى بيوت الشناشيل لتكون مقرا لهم.ولا أعلم أين السلطات القانونية من هذه التجاوزات التي يمكن ملاحظتها بالعين الجردة جهارا نهاراً من دون تحريك ساكن. وصار الاتحاد يتنقل من مكان إلى آخر ما بين الأماكن المؤجرة والمقاهي. ومازلت أذكر هذه التنقلات من مكان إلى آخر من أجل عقد اجتماع ما أو محاولة إقامة ندوة و في إحدى الانتقالات كان الاجتماع في مقر نقابة المعلمين في وسط العشار ومن الظريف في الأمر أن الجهة اليمنى مخصصة لإقامة الجلسات بينما الجناح الثاني لـشاغليه! وكلمات صاحب الجناح المشغول تتردد في بالي عندما حاول مشاجرة جاسم العايف -على ما أذكر - حين قال له "أنتم أحسن مني حالا…أنتم كل يوم تلبسون قميصا! " فضحك العايف ساخرا منه قائلا له "إن القميص الذي أرتديه صار له سنتين!"بعد السقوط وقيامة سنوات الاحتلال السوداء لقي المثقف العراقي نصيبه الكبير من هذه القيامة فبدأت حملات من المهاجمات السرية منها والعلنية وفضح المكشوف ومظروف رسالة التهديد التي تحوي في داخلها "رصاصة" مشهداً بين الفينة والفينة نشاهده ونسمع به.وفي ما يخص الدستور العراقي الدائم لعام 2005 والذي نص فيه على أن الدولة تمنح الحرية في التعبير عن الرأي بكل الوسائل وحرية الصحافة والطباعة والإعلان والإعلام والنشر وحرية الاجتماع والتظاهر السلمي وغيرها من الأمور التي تخص الثقافة ولكن مرّ في العراق من الأحداث التي منعت فيها طباعة بعض المؤلفات وكم من المثقفين الذين ماتوا وحيدين من دون أدنى عناية فلا زالت صورة القاص والروائي كاظم الأحمدي حاضرة في الأذهان، وهو الذي هدّه مرض السكر ليصبح حاملا لهموم شجرة البمبر بحق وهو يتوكأ على عصاه لحضور أمسية ما أو مهرجان حتى وافته المنية في البصرة ظهر يوم 30 حزيران "يونيو" 2008 من دون أن تقدم له أي مساعدة لتجاوز مرضه.ولا ننسى مرض الشاعر المرهف الحس حسين عبد اللطيف الذي لم تقدم له يد المساعدة بإخراجه لخارج البلاد للعلاج من مرضه، هذا المرض الذي تكررت نوباته أكثر من مرة، والذي كاد في الام الماضي أن يؤدي إلى بتر قدمه لولا إصراره على عدم فعل ذلك، وقد كتب العديد من الأدباء نداءات الاستغاثة لأنقاذ هذا الشاعر من مرضه وأذكر كلمة نصيف فلك عندما أخبرته بحالة الشاعر حسين عبد اللطيف أجاب بالحرف الواحد "يا عزيزي… حسين عبد اللطيف يبقى شاعرا حتى لو مشى على إصبع واحد.







هذا الخبر من موقع جريدة الجريدة
https://aljaredah.com