عن النخبة الوظيفية وامتيازاتها حتى التقاعدية
التاريخ: Monday, March 25
اسم الصفحة: الصفحة الاخيرة


أكرم علي حسين
ما نشهده في العراق من غرائب وعجائب لا تقتصر على المشهد السياسي واللاعبين الرئيسيين في العملية السياسية فذلك أمر مفروغ منه والواضح ان الحالة المزرية ستستمر ليبقى المواطن العراقي في حيرة من امره والدهشة تعقد حتى لسانه فيبقى عاجزاً عن التعبير عما يجول في داخله من مشاعر تجاه هؤلاء الذين يقودون البلاد الى متاهات النفق المظلم ..



 اعود فأقول ان الغرائب انتقلت وبفعل وجهود اصحاب السلطة والنفوذ الى الرواتب والامتيازات المادية الخيالية لاصحاب الحظوة والمقربين والمحاربين بذريعة احتلالهم لمواقع حساسة وخطرة الى آخر اللائحة من تسميات كلها تصب في صالح النخبة الوظيفية وتضفي الشرعية على سرقة المال العام لصالح الآلاف من مزوري الشهادات والوثائق الدراسية الذين يستأثرون بالوظائف العليا !!.
يقولون ان هؤلاء المساكين ونعني النخبة الوظيفية يعرضون حياتهم للخطر فلابد من مكافأتهم وتشجيعهم على المضي في الخدمة العامة إبالاضافة لكونهم كوادر عليا لا يمكن التفريط بها ؟!!
ونتساءل وهل هناك مواطن عراقي غير معرض للخطر ، خطر الهلاك بالمفخخات والعبوات الناسفة والالغام المزروعة واجساد الانتحاريين الذين لا يفلت منهم حتى صغار الطلبة والصبايا من عشاق ولاعبي كرة القدم في الملاعب الشعبية داخل الاحياء الفقيرة ؟؟ لماذا ارواحكم وارواح اصحابكم وخلانكم والحلقات المقربة منكم غالية وثمينة وارواح ملايين المواطنين رخيصة وخاصة العمال الفقراء الذين يفترشون الارصفة بحثاً عن لقمة حلال تسد الرمق ، رمقهم ورمق عائلاتهم ؟
ولاننا نعرف بان الذين يتقاضون الرواتب والمخصصات الخيالية لهم حماياتهم وحراساتهم ويسكن معظمهم المناطق المحصنة امنياً إضافة الى ان ايامهم وأوقاتهم موزعة على الاغلب اما لتفقد عائلاتهم في الخارج او في مهمات اطلاع وتحسين امكاناتهم المعرفية عن طريق الايفادات في شتى ارجاء المعمورة .
ولأنهم متعبون وقلقون بعد سنوات قليلة جداً في مواقع المسؤولية وبرغم قصرها فانهم يستحقون رواتب تقاعدية لا تقل سوى بضعة دنانير عما كانوا يتقاضونه عند ممارسة المسؤولية .. والامثلة كثيرة واسألوا عن رواتب الوزراء واعضاء المجلس النيابي والمستشارين والخبراء والوكلاء  وبقية اصحاب الدرجات الخاصة وهم بالتأكيد جيش جرار .. وينطبق الحال على المواقع الوظيفية الادنى المشمولة ايضاً بالرعاية الخاصة جداً جداً .... ويبقى السؤال من يجرؤ على اثارة هذه القضية لانها قضية تمس عدالة الدولة وعدالة توزيع الثروة الوطنية لان هناك حوالي مليوني متقاعد إضافة الى ملايين الموظفين تصر الدولة على تهميشهم وغمط حقوقهم وتجاهل مطالبهم ؟
انها مطالب مشروعة تتمثل بالانصاف والمساواة مع اولئك المحظوظين المدللين الذين باتوا يشكلون بحق طبقة اجتماعية ثرية على حساب الدولة وعلى حساب الملايين من الموظفين والمتقاعدين الذين يعانون من شظف العيش وارتفاع الاسعار ومعدلات التضخم شهراً بعد شهر آخر ان لم نقل يوماً بعد يوم .ومن يراجع دائرة التقاعد العامة يقف مذهولاً امام الرواتب التقاعدية لاعضاء نادي (النخبة الوظيفية) الذين يتقاضون ملايين الدنانير كراتب تقاعدي عن سنوات قليلة من الترف بكل اشكاله وحالاته خاصة سيل الايفادات التي لا تنقطع وتحويلاتها الدسمة بألاف الدولارات ..فيما تجد موظفاً امضى اربعين عاماً في خدمة الدولة ويحمل شهادة جامعية وعاش سنوات الحصار الطويلة والمضنية تقاضى خلالها رواتب هزيلة واضطر بحكم الحاجة الى بيع اثاث منزله وحتى مقتنياته العزيزة ليغطي مصاريف العائلة ومتطلبات العيش الاخرى … هذا الموظف الذي يحمل على كاهله تعب عقود اربعة لا يتقاضى راتباً تقاعدياً يساوي نسبة واحد الى عشرة مما يتقاضاه المدلل المحسوب على النخبة الوظيفية الجديدة !!
وتبقى الحيرة ويبقى السؤال الملح : من يحدد الرواتب بهذه الصورة العجيبة وهل اطلع هؤلاء الذين يصنعون الامتيازات ويحددون من يتقاضاها ، هل اطلعوا على جداول الرواتب في البلدان العربية أو الاقليمية او حتى الاجنبية … هل اطلعوا على جداول الرواتب في البلدان المتقدمة أو النامية أو الفقيرة للاستفادة منها في تشريع قوانين ووضع سلم رواتب لموظفي الدولة العراقية ؟ الجواب المنطقي والمؤكد انهم لا يقرأون ولا يطلعون وفي النتيجة : انهم لا يبالون .. ولكن اصحاب الحق يقفون لهم بالمرصاد .







هذا الخبر من موقع جريدة الجريدة
https://aljaredah.com