هل ما زال الكتاب خير جليس؟
التاريخ: Thursday, April 04
اسم الصفحة: الصفحة الاخيرة


أمير الحلو
قرأت مرة احدى النوادر وقيل أنها حصلت مع هارون الرشيد، فقد اشترك احد الاشخاص بأمسية هارونية لم تكن بالشعر أو المديح وإنما بادخال مجموعة من الأبر عن بعد في دائرة صغيرة موضوعة على لوح أمامه، وبعد انتهاء العرض قال لحاجبه: اعطوه عشرة ألاف درهم عن مهارته، وأجلدوه مائة جلدة على بطره واضاعة الوقت في مثل هذه الأمور غير المجدية.



وكان المؤلف والكاتب عندنا يعاني في العهود السابقة من موضوع النشر، فالدائرة المختصة بهذا الشأن لديها سياستها التي يجب أن لا يتقاطع الكتاب معها، كما أن لديها زخماً من الكتب التي تنتظر الطبع ما يصيب الكاتب بالقنوط، لأنه لا يستطيع كتابة شيء جديد وما زال القديم لم يرَ النور بعد، ويقابل ذلك غلاء تكاليف طباعة الكتاب على حساب المؤلف فقد يكون باحثاً عن لقمة العيش و (غيرها) من متطلبات تحفيز الابداع الأدبي بأنواعه كافة، ولا يملك المال الكافي لطبع كتابه لدى القطاع الخاص حتى لو كان بالاستنساخ الذي شاع في الفترة الأخيرة خصوصاً وأن الكثير من الكتب الممنوعة رسمياً سابقاً كانت تنتشر بهذا الاسلوب، وقد يدفع البعض من الناشرين والكتاب ثمن هذا الاسلوب غالياً حتى يصيح: التوبة!
اختلفت الامور في المرحلة الحالية، فاذا كانت لديك (حظوة) لدى أحد الناشرين من القطاعين العام والخاص فأشك سترى كتابك (يهل) قبل نهاية الشهر الهجري، أما المبدعون من الفقراء غير القادرين على الدفع فان لهم الرحمة في كتبهم وآمالهم في التألق والأبداع.
أقول ذلك وأنا أستلم العديد من الكتب الجميلة في تصميمها وألوان الغلاف وعبارات الاهداء الرقيقة، ولكني ما أن أبدأ بقراءتها حتى أجد أن الحرام ليس فقط في إضاعة الوقت بالقراءة ولكن بتكاليف الطبع أيضاً التي غالباً ما يتحملها الكاتب، وعن هذا الطريق (يفرض) نفسه على الواقع الثقافي أو السياسي (بفلوسه).
إن هذه الحالة تقلل من حالات نشر الابداع وحصولنا على المؤلفات الجيدة في شتى المجالات، استناداً إلى النظرية الاقتصادية التي تقول (العملة الرديئة تطرد العملة الصعبة من السوق)! ولولا (بقية) ذوق عندي لأشرت الى بعض هذه الكتب بعد تقديم كل الشكر لمؤلفيها ومصمميها وطابيعها، ولكني أحاول (إعادة اهدائها) الى بعض المعارف الذين يهمهم أن تمتلأ مكتباتهم الخاصة بأنواع الكتب حتى التي لم يطلعوا على محتوياتها، وإذا كانت مجلدة بشكل جيد بالالوان، فهناك نوع جديد من التصميم يخص كيفية ترتيب الكتب كديكور يقف الشخص وراءه، خصوصاً إذا كان يتحدث أمام الكاميرا في موضوع مهم لا علاقة له به!







هذا الخبر من موقع جريدة الجريدة
https://aljaredah.com