دراسات اقتصادية: قصــة النفـــط

 
 


تأليف :الاستاذ عبد الفتاح ابراهيم

ليست قصة النفط بحديثة عهد فقد عرف البشر هذه المادة واستعملها للاستنارة في البيوت وفي المعابد وفي معالجة الأمراض الجلدية منذ أقدم العصور، وقد استعمل القار أيضاً في طلاء سطح السفن والمباني. وكان أول عهد البشر به في بلاد الرافدين وبلاد إيران.
غير أن تاريخ النفط الحديث يبدأ بوقوع المستر صموئيل كير على منبع نفط في أثناء قيامه بحفر الآبار لاستخراج الملح في ولاية بنسلفانيا قبيل الحرب الأهلية في الولايات المتحدة. ولم يكن يقدر أهميته يومئذ فراح يضعه في القناني ويبيعه كعلاج للكوليرا والنزلة الصدرية والسل وأمراض الكبد، فلما جاءت سنة 1859 لفت هذا العلاج نظر الكولونيل ادورد دريك فأسرع إلى ولاية بنسلفانيا وحفر أول بئر لاستخراجه بوساطة الآلات البخارية، فكان ذلك فاتحة عهد صناعة النفط بالأساليب والوسائل الحديثة. ثم امتدت يد المستر جون روكفلر إلى هذه الصناعة حوالي سنة1880 فقبض على خناقها وافتتح عهد الصراع الرأسمالي عليها فأخذت أهميتها، تتضاعف يوماً بعد يوم باختراع الآلات التي تشغل بالنفط واختراع السيارات، واحتل النفط تدريجياً المكانة التي كانت للفحم في مختلف الصناعات.



وخطر لأحد رجال الانكليز عام 1882 أن في الاستطاعة الاستفادة من النفط في البواخر والسفن التجارية والحربية -لكن هذا الرجل الذي اصبح فيما بعد الأميرال اللورد فيشر كان يهمه أمر الأسطول اكثر مما يهمه أمر السفن التجارية- فأخذ على نفسه دعوة رجال بريطانيا إلى استعمال النفط لتحريك سفن الأسطول، وكان يعتقد (ان الاستعاضة بالنفط عن الفحم تضاعف قيمة الأسطول) و(ان استعمال النفط كوقود يزيد في قوة الأسطول البريطاني بنسبة 33% ويجعل بالاستطاعة تجهيزه بالوقود في عرض البحر بعيدأً عن مرافيء الأعداء). (بينما استعمال الفحم يستلزم أن يكون ثلث الأسطول منشغلاً دائماً بالتردد على مراكز تموين الفحم). وأن استعمال النفط يزيد في السرعة بمقدار ثلاث عقد في الساعة…-والسرعة هي الكل في الكل في الحرب- ويقلل عدد عمال الآلات والأفراد بنسبة 60%. وأن الفحم يتلف بالخزن أما النفط فلا يؤثر الخزن فيه وكان للدعاية التي بثها اللورد فيشر - وقد تولى رئاسة ديوان البحرية البريطانية سنة 1904-تأثير عظيم في إلفات نظر الانكليز إلى أهمية النفط -ولا سيما وقد كان في حيازة الولايات المتحدة ثلاثون مليوناً من الخمسة والثلاثين مليون برميل مما يستخرج من هذه المادة- وسوقهم إلى خوض غمار الحرب النفطية للسيطرة على مراكز النفط في العالم . وكان اللورد فيشر كذلك أول من اكتشف شخصية هنري ديترونك وشجع الحكومة البريطانية على استخدامه في الحرب النفطية فقاد كثيراً من الحملات الرأسمالية في هذه الحرب الطاحنة وفاز بكثير من الانتصارات حتى لقب بنابليون النفط. وانضم المسترونستن تشرتشل إلى الرجلين فكان الثلاثة قواد الجبهة الرأسمالية البريطانية للسيطرة على نفط العالم. وقد كشف المستر تشرتشل قبيل الحرب العامة-وكان رئيس ديوان البحرية البريطانية-أمام مجلس النواب البريطاني عن سياسة الحكومة البريطانية في هذا الشان فقال: (ان الحكومة تستهدف في سياستها أن تجعل البحرية البريطانية تملك وتستخرج بنفسها كل ما تحتاج إليه من النفط وذلك بانشاء مخازن احتياطية للنفط في بريطانيا تسد حاجة الأسطول أثناء الحرب وتستطيع أن تتغلب على تقلبات الأسعار وقت السلم، وجعل البحرية قادرة على شراء النفط الخام بأسعار بخسة من الأسواق، ثم بان يكون في حيازتها مقدار من ينابيع النفط التي تجهزها ولو بقسط مما تحتاج إليه من هذه المادة( وكان من أول بوادر هذه الحرب النفطية حملة الرأسماليين الانكليز ومن ورائهم الحكومة البريطانية للسيطرة على ميادين النفط في إيران. وكان المستر وليم دارسي قد استحصل في سنة 1901 من مظفر الدين شاه على امتياز التنقيب عن النفط واستخراجه والقيام بما يتطلبه ذلك من المشاريع والانشاءات في كافة أراضي إيران عدا الولايات الخمس الشمالية (أذربيجان وغيلان ومازندان واسترباد وخراسان) لمدة ستين سنة فتشكلت شركة النفط الانكليزية الفارسية لتتولى القيام باستثمار ينابيع النفط في الأراضي الإيرانية . ولما نشبت الحرب العامة تبين للجميع أن لا سبيل إلى النصر إلا على مجار من النفط، اذ كان النفط المحرك الرئيسي لجميع آلات الحرب وأدوات القتال من مدرعات وبواخر وسيارات وطائرات وغواصات، وكان كثير من المفرقعات يصنع من مواده، وقد استعمل المتحاربون النفط كذلك لتوليد الدخان الذي كانوا يحجبون به سفن القتال عن أعين العدو ولتتمكن من القيام بمناوراتها الحربية بعيدة عن قنابل الطائرات وقذائف الغواصات. وكانت وسائط النقل وساحبات المدافع والطائرات قد تضاعف عددها عشرات المرات في خلال الحرب العامة فقد كان لدى الجيش الفرنسي ابان الحرب 110 سيارة من سيارات النقل و60 ساحبة و132 طائرة فلما جاءت سنة 1918 بلغ ما لديه من سيارات النقل 70.000 سيارة ومن الطائرات 12.000 طائرة. وساقت الولايات المتحدة بدخولها الحرب 105.000 سيارة نقل و4000 طائرة، حتى بلغ ما يستهلك من النفط في اليوم الواحد 12.000برميل. وكانت المانيا قد وجهت غواصاتها على حاملات النفط فهددت الحلفاء في الصميم واشتدت حاجة فرنسا إلى النفط حتى كتب كليمانصو إلى الرئيس ولسن يقول :(ان انقطاع النفط عنا يوقف حالاً كافة أعمال الجيش وقد يضطرنا لقبول صلح لا يروق الحلفاء. أن الحد الأدنى الذي يجب أن يكون جاهزاً لدى الجيوش الفرنسية من النفط حسب تقدير القيادة العليا لا يقل عن 44.000 طن والاستهلاك الشهري لا يقل عن 35.000 طن. على أن هذه الكمية قد انخفضت الان إلى 28.000 طن وربما نفذت اذا لم تتخذ الولايات المتحدة التدابير العاجلة والحازمة. أن هذه التدابير يجب أن تتخذ حالاً من غير أن تتأخر يوما واحداً حفظاً لسلامة الحلفاء جميعاً. وأن من أهم مستلزمات هذه التدابير أن يستحصل الرئيس ولسن من شركات النفط الأمريكية على حاملات نفط لها حمولة احتياطية لا تقل عن 100.000 طن. أن سلامة الحلفاء في الميزان، فان شاءا أن لا يخسروا الحرب في اللحظة التي يقوم الألمان فيها بهجومهم العظيم فعليهم أن لا يقطعوا عن فرنسا النفط الذي له في حروب الغد من القيمة بقدر ما للدم فيها( وقد تحقق النصر للحلفاء فعلاً بعد أن توفر النفط في ميادين القتال، حتى قال اللورد كرزن في مؤتمر النفط (سنة 1918) (ان الحلفاء فازوا بالنصر على فيض من النفط) وقال المسيو هنري بيرانجه، ممثل الحكومة الفرنسية في هذا المؤتمر، (ان النصر الذي فزنا به ما كان ليتحقق لولا دم آخر هو دم الأرض الذي نسميه بالنفط). وقد بلغ مجموع ما استهلكه الأسطول الانكليزي من النفط في خلال الحرب العامة (9.100.000) طن وما استهلكه الجيش الانكليزي (1.219.000) طن، وما استهلك من قبل الجيش الفرنسي (1.855.000) طن . وهكذا فان الحرب لم تنته إلا وقد أعطت الدول درساً بليغاً في قيمة النفط في الحروب، فضاعفت بذلك جشع الرأسمالية ومن ورائها الدوائر السياسية في هذه المادة وزادت في لهيب النزاع الذي كان دائراً بينهم للحيازة على ينابيع النفط في بقاع الكرة الأرضية. وقد كان من أهم عوامل هذا النزاع، الميادين التي تجري من تحتها انهار من النفط في الوادي الكائن بين بغداد والموصل، فقد اشتدت رغبة بريطانيا في الحصول على هذه الثروة الكامنة حتى ذهب بعض الباحثين في الشؤون السياسية إلى أن مصالح الانكليز في نفط العراق تفوق في أهميتها مصالحهم السياسية والحربية فيه . ظهرت الأدلة على وجود النفط في ارض الرافدين منذ اقدم العصور، وكان من هذه الأدلة: النصب الناري القريب من كركوك، وهو عبارة عن شعاع يغذي ضوءه الغازات المتصاعدة من جملة شقوق في جوف الارض، ويظن انه النصب الذي ألقى فيه بأمر من نبوخذ نصر ثلاثة من اليهود؛ ومن هذه الادلة أيضاً مجاري النفط الأسود بين بغداد والموصل، وقد أشار إليها السائحون فيما كتبوه عن هذه البلاد . وقد استفاد المصريون على عهد الفراعنة من النفط الأسود -وكانوا يحملونه إلى مصر من أماكن بالقرب من هيت- في تحنيط الموتى . على أن هذه المادة بقيت مهملة حتى انتبه الرأسماليون على أهميتها بعد أن شاع استعمالها في الصناعات وفي تحريك الآلات، فبثوا رسلهم يفتشون عنها في أطراف المعمورة وفي مجاهل الكرة الأرضية. وكان بعض مروجي فكرة الاستعمار قد حملوا إلى الرأسماليين نبأ وجود مقادير غزيرة من النفط تحت سطح ارض الرافدين، وذهبوا إلى أن هناك بحيرة من النفط تمتد من سواحل بحر الخزر في الشمال إلى سواحل برما في الجنوب وأن ارض العراق تغطي وسط هذه البحيرة. فجاءت العراق بعثة من الفنيين عام 1871 لترى ما اذا كان في الاستطاعة استثمار ينابيع وادي الرافدين للأغراض التجارية فتبين لها أن فقدان وسائط النقل لحمل النفط إلى سواحل البحر الأبيض المتوسط يحول دون نجاح أية شركة تتولى استخراج هذا النفط لغرض التجارة في منافسة النفط الروسي والأمريكي؛ ولكن هذه البعثة أكدت بالرغم من ذلك جودة النفط الموجود في العراق وغزارته . وانتبه السلطان عبد الحميد -على اثر ظهور هذه الشائعات- إلى أهمية أراضي النفط في ولاية الموصل فأصدر سنة 1888 (فرماناً شاهانياً) حصر بموجبه حق التحري عن النفط ومنح امتيازات استخراجه بالخزينة الخاصة (وبذلك أصبحت أراضي النفط من الأملاك السنية) وذلك لان التشريع العثماني كان يحصر حق التعدين بأصحاب الأراضي التي يكتشف بها المعدن . وقد ظهرت بوادر النزاع على نفط العراق بين الدول منذ أوائل سني القرن العشرين ، فقد جاءت العراق عام 1901 بعثة من الفنيين الألمان لدرس ينابيع النفط فيه وابلغت الحكومة الألمانية في تقريرها بان تحت سطح العراق بحيرة نفطية لا ينفذ معينها، وحرضتها على الإسراع للسيطرة على هذه الأرض واستخراج النفط من ينابيعها للتخلص من تحكم شركة (ستاندرد) الأمريكية التي كانت على وشك السيطرة على جميع ينابيع النفط في العالم . وزار العراق الدكتور رورياخ -داعية الاستعمار الجرمني- عقيب مجيء هذه البعثة فأيدها فيما ذهبت إليه وصرح بان هذه الأرض مشبعة بالقار والنفط وغازات الهيدروكاربونات، وأن مستقبل الينابيع فيها أعظم من حاضر ومستقبل ينابيع بحر الخزر. ولم تمر على هذه التخرصات غير فترة قصيرة حتى استحصل البانق الألماني سنة 1904 -لما كان له من النفوذ في الباب العالي- على أذن بالقيام بأعمال مسح ميادين النفط في وادي الرافدين على أن يكون له الاختيار في التعاقد مع الدولة العثمانية بعد انقضاء سنة على تاريخ مباشرة أعمال المسح لاستخراج النفط من هذه المنطقة، ولكن البانق العثماني -وكان منشغلاً في معالجة مشاكل سكة حديد بغداد- لم يواصل مساعيه في هذا السبيل فوقفت عند هذا الحد . وبينما كانت الرأسمالية الانكليزية مجدة في سعيها للحيازة على ينابيع النفط في إيران، والرأسمالية الألمانية تواصل السير نحو ينابيع الموصل، امتدت يد الرأسمالية الأمريكية من وراء البحار تطلب نصيبها من هذه الغنائم؛ وذلك أن الرئيس روزفلت أوفد الأميرال شستر (Colby. M. Chester) سنة 1899، إلى الباب العالي بحجة إغاثة الأرمن والمطالبة بتعويض للمبشرين الأمريكيين الذين اعتدي عليهم في أثناء المذابح ، لدرس المشاريع الاقتصادية التي يمكن للرأسمالية الأمريكية أن تستثمرها. ولم يلبث الأميرال شستر طويلاً حتى تخلى عن وظيفته في البحرية الأمريكية وعاد إلى البلاد العثمانية يطالب بمنحه امتيازات مد السكك الحديدية واستخراج النفط والتنقيب عن المعادن في بلاد الاناضول والعراق. ولكنه لم ينل من السلطان عبد الحميد غير وعود لا طائل تحتها؛ على أن مساعيه كانت من جملة أسباب الخلاف الذي نشأ بعد الحرب العامة بين الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا حول نفط الموصل . ودخلت الرأسمالية الانكليزية إلى ساحة النزاع على اثر دخول الولايات المتحدة بتقدم جماعة دارسي (وعلى رأسهم البارون انشكيب) التي جاءت تطالب بمنحها امتياز استخراج النفط في أراضي الدولة بمقتضى الشروط التي عرضت قبلاً على البانق الألماني (وكان السفير البريطاني لدى الباب العالي يعضد مساعيها هذه) فبقى السلطان عبد الحميد يماطل -وكان يسيء الظن بالانكليز للأسباب التي مر ذكرها في الفصول السابقة- إلى أن وقع انقلاب سنة 1908 الذي خسر به السلطان عرشه فتوقفت هذه المفاوضات ولما نقلت ملكية الأراضي السنية بزوال عبد الحميد إلى خزينة الدولة، اندمجت مفاوضات النفط بالمساومات التي جرت يومئذ بين حكومة الاتحاديين من جهة وفرنسا وانكلترا من جهة أخرى حول عقد القروض وزيادة الرسوم الكمركية، ولما كانت الدولتان تعارضان في زيادة الرسوم أهملت الحكومة العثمانية طلب هذه الجماعة . وأعاد الانكليز الكرة في سنة 1912 لاستحصال امتياز النفط، وكان يمثلهم السرارنست كاسل الذي استقدم من قبل الاتحاديين لتأسيس البانق الوطني التركي، وكان من حميذي تعاون الرأسماليين الانكليز والألمان في مشروع سكة حديد بغداد وغيره من المشاريع في البلاد العثمانية . وكان المستر شستر الأمريكي قد جدد مساعيه للحصول على الامتيازات واستحصل من الاتحاديين وعداً تحريرياً في هذا الشان ، فادى ذلك بالألمان والانكليز إلى توحيد جهودهم لمقاومة هذا الدخيل، وكانت ثمرة هذا التعاون أن تألفت شركة النفط التركية عام 1912 برأسمال قدره ثمانون ألف ليرة انكليزية لاستحصال امتياز استخراج النفط في العراق وفي كافة الأراضي العثمانية. ونجح السرارنست كاسل بالحصول على موافقة شركة سل الهولندية الملكية وشركة النفط الانكليزية السكسونية والبانق الألماني ولكنه لم يفز بتأييد جماعة دارسي فخاب في مسعاه . على أن الحكومة البريطانية لما رفعت القناع عن وجهها وظهرت في ميدان النزاع النفطي جددت البحث مع الحكومة العثمانية والرأسمالية الألمانية لتأسيس شركة النفط التركية فتمكنت من جمع كلمة الرأسماليين الانكليز والألمان على عقد اتفاقية 19 آذار سنة 1914 التي وقعها السرهنري سميت بالنيابة عن السرارنست كاسل والبانق الوطني التركي، والمستر هنري ديتردنك عن الشركة الهولندية الملكية، والمستر والتر صموئيل عن شركة النفط السكسونية، والدكتور كارل بيركان عن البانق الألماني، والسر تشارلس كرينوي والمستر بارن عن جماعة دارسي وشركة النفط الانكليزية الفارسية؛ ووقع عليها السر آير كراو بالنيابة عن الحكومة البريطانية والهركوهلمان عن الحكومة الالمانية وكان حقي باشا الذي اوفدته الحكومة العثمانية لمفاوضة الحكومة الانكليزية بشان سكة حديد بغداد قد اشترك في هذه المفاوضات لكنه لم يوقع الاتفاقية . وقد أبان السر روبرت كوهن -أحد مدراء شركة شل الهولندية- في كتاب أرسله إلى التايمس اللندنية في 1 تشرين الأول سنة 1921، أن شركة شل انضمت إلى هذه الاتفاقية بإيعاز من الحكومة البريطانية وأن هذه الحكومة هي التي قامت بتأسيس شركة النفط التركية. ولما أتمت هذه الصفقة تخلى السر ارنست كاسل عن حصته وحصة البانق الوطني التركي في شركة النفط التركية إلى شركة النفط الانكليزية الفارسية التي تديرها الحكومة الانكليزية مباشرة. وتم الاتفاق على أن توزع اسهم هذه الشركة بالنسب التالية: 50% إلى شركة النفط الانكليزية الفارسية. 25% إلى شركة شل الهولندية الملكية وشركة النفط الانكليزية السكسونية، وكانت الشركتان قد اتفقتا على أن تمنح كل منهما 2.5% من حصتها إلى كولبنكيان. 25% إلى البانق الألماني. وعلى أثر هذا الاتفاق وتفاهم الانكليز والألمان حول مشروع سكة حديد بغداد تقدمت شركة النفط التركية إلى الباب العالي تطلب منحها امتياز استخراج النفط في ولايتي بغداد والموصل، فوافقت الحكومة العثمانية مبدئياً على إجابة طلبها على أن يتم الاتفاق بين حكومتي المانية وانكلترا ووزارة المالية العثمانية على تفاصيل الامتياز وتعيين حصة الدولة العثمانية. ولما لم يصل المتفاوضون في لندن إلى الاتفاق بالسرعة اللازمة بلغت الحكومة العثمانية حقي باشا -ممثلها في لندن- في 22 تموز سنة 1914، بلزوم قدوم ممثل شركة النفط التركية إلى استانبول لتجري المفاوضات بينه وبين وزارة المالية العثمانية رأساً. وعلى هذا الأثر أعلنت الحرب العالمية فتوقفت المفاوضات في هذا الصدد عند هذا الحد. ومن ذلك يتبين أن شركة النفط التركية لم تحصل على الامتياز وانما كل ما كان لديها هو وعد من الحكومة العثمانية بمنحها إياه فيما اذا تم الاتفاق على تفاصيل المشروع . أثبتت الحرب العامة ما توقعه الأميرال فيشر والمستر تشرشل وغيرهما من رجال الاستعمار الانكليز وغير الانكليز بشان أهمية النفط في الحروب، وتبين للدول -كما رأينا في استغاثة المسيو كليمنصو بالرئيس ولسن- أن النصر في هذه الحرب وفي الحروب المقبلة سيكون نصيب الدولة التي تحضى بالسيطرة على اكبر مقدار من منابع النفط. وكان الانكليز قد سبقوا غيرهم في إدراك هذه الحقيقة فعملوا في السر منذ سنة 1905 للحيازة على ميادين النفط في جنوب آسيا وفي إيران واشتبكوا في حرب مع الشركات الأمريكية على ميادين المكسيك وفنزويلا وأمريكا الوسطى والجنوبية

 

 
 



 صفحة للطباعة صفحة للطباعة

 أرسل هذا الخبر لصديق أرسل هذا الخبر لصديق

 
 

 
 

· البحث في اخبار دراسات اقتصادية
· البحث في اخبار جميع الصفحات


أكثر خبر قراءة في دراسات اقتصادية:
إعادة رسم خريطة إفريقيا بمقياس القبلية