منوعات: الجامعات واهميتها لتقدم العراق

 
 


    احمد العاني
الجامعات من الاعمدة الرئيسة في صروح البناء الحضاري والركيزة الاساسية لقاعدة العلم والمعرفة والبحث العلمي التي تغذي المجتمعات باحتياجاتها من القدرات العلمية والفنية والادارية التي تسهم في التقدم والتطور والارتقاء بها الى درجات اعلى في سلم النهضة العلمية والثقافية والاجتماعية والسياسية واجراء الدراسات والبحوث لمعالجة المعضلات في المجالات الصناعية او الاقتصادية في ضوء الحاجات المتنامية لها كي لاتصاب بالجمود والتصلب وتتوسع وتتعمق الهوة بينها وبين ما بلغته البشرية من نهوض ومسايرة العالم في تطوره العلمي والتقني الدائم والتي تتطلبها عمليات التجديد والتحديث ودراسة طرائق تخطي العقبات التي تعرقل بلوغ الاهداف المنشودة.



    واذا ما قارنا واقع الجامعات العراقية بما هو عليه في دول العالم سوف نلاحظ الكثير من الاختلافات والتباينات في اداء كل منها حيث لازالت الجامعات العراقية تعاني من تخلف مريع على صعيد المناهج لعجزها الفاضح على مواكبة ما استحدث في العالم من تطورات علمية على مختلف الصعد ولم يعمل على تجديدها وتحديثها ناهيك عن عجز الملاكات التدريسية عن الارتفاع الى مستوى المهام الموكلة اليها لافتقارها الى الكفاية العلمية التي تؤهلها لذلك او افتقادها الادوات التي تمكنها من الوصول لذلك. ما افشل الرسالة التي انيطت بها باعداد اجيال قادرة على التفاعل مع العصر والتأقلم مع معطياته ومجاراة تغيراته وتطوراته واللحاق بركب التقدم العلمي. وتعيش الجامعات العراقية نقصاً كبيراً في المختبرات وتجهيزاتها وامداد المكتبات بالاصدارات الدورية والمجلات العلمية التي تصدر في العالم ومن خلالها يمكن الوقوف الى ما وصلت اليه البحوث والدراسات في جامعات العالم ما حرم الاساتذة وطلبة الدراسات العليا من معرفة ما بلغه العالم من معارف علمية. ولما يعانيه العراق حالياً والدرجة التي وصل اليها ولاعادة وضع اقدامه على الطريق الصحيح لابد من توظيف قدرات الجامعات والتحول من الدراسات النظرية والاكاديمية الى العمل التطبيقي والربط بين حاجات المجتمع والمعارف التي يحصل عليها الطلبة والتركيز على الجوانب العلمية بما يسد الثغرات العلمية والتكنولوجية في جدار الواقع العراقي، وكذلك الربط بين حاجات المجتمع من الخريجين والقبول في اقسام الجامعات للتخلص من الخريجين الذين ترميهم الجامعات على ارصفة البطالة دون حاجة فعلية الى اختصاصاتهم ومحاولة التنوع في الاختصاصات بما يمكن التعليم من تلبية احتياجات ومتطلبات العراق حالياً ومستقبلا. وربط كل ذلك بخطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية له العدة للنهوض وتجاوز واقعه. ولما يمر به العراق من ظروف امنية غير مستقرة وما يتعرض له الطلبة من ضغوط ومخاطر لابد من وجود اقسام داخلية قريبة من الجامعات تتوفر فيها الشروط الصحية والراحة حيث ان اغلب الاقسام الداخلية الحالية لا تتوفر فيها شروط السكن البشري ومعالجة ازمة النقل التي يعاني منها الطلبة لارتفاع الاجور وما تشكله من اعباء مالية كبيرة على ذويهم واعتماد الوسائل الحديثة في حماية الجامعات والطلبة من الاعمال الاجرامية. ان الحروب التي عاشها العراق قد لامست واقع التعليم الجامعي بشكل حاد ومؤثر حيث حرمته من الانفاق المطلوب بما يتناسب واحتياجاته ما انعكس سلباً على واقع التعليم والحؤول بينه وبين التطور المنشود وتسبب في انتشار الكثير من الممارسات المدانة في العملية التعليمية وافراغها من مضامينها التربوية والعلمية ونشر سحابة من الشك والريبة في صدقية وامانة ما يحصل عليه الكثير من الطلبة من علوم وشهادات ما يدعو الى العمل على الربط بين الجامعات العراقية وجامعات العالم المتقدم بان تستقبل الجامعات العراقية عدد من الاساتذة المرموقين للوقوف على مستوى التعليم فيها وتقديم المشورات في تطويره وتحديثه وكذلك ارسال عدد من الاساتذة العراقيين الى جامعات العالم للاطلاع على طرقها في التدريس وطبيعة المناهج ونقل تجاربها لتطوير قدراتها العلمية والبحثية والتدريسية والادارية وعقد اتفاقات مع جامعات العالم المتقدمة لاستقبال عدد من الطلبة العراقيين للدراسة فيها لاعدادهم الى المستقبل لملء الفراغات التي يحدثها بلوغ البعض من جيل التدريسيين الحاليين سن التقاعد وتعويض ماخسره العراق من الاساتذة والاكاديميين الذين قتلوا غيلة وغدراً. لقد مثل قيام الجامعات نقلة نوعية في العملية التعليمية في العراق ومثلت منعطفاً نوعياً في واقعها للمهام التي اوكلت اليها على الصعد العملية والثقافية والسياسية والانتقال بالتعليم من حالة التشتت والتبعثر الى حالة تعتمد التخطيط والدراسات المسبقة في ضوء احتياجات البلد وان تتولى الدولة الاشراف على شؤونها وتوفير مستلزمات النهوض بمهامها وقد وضع على عاتقها الكثير من المسؤوليات ذات التأثير المباشر بحياة الشعب وتطوره العلمي والاجتماعي ومو اكبة البحث العلمي الجاري في العالم على وفق احتياجات البلد وبمختلف الاختصاصات. واستطاعت الجامعات العراقية ان تتجاوز الفروق الطبقية وتفتح ابوابها لكل شرائح وطبقات المجتمع دون تمييز وبذلك عملت على تدمير الحواجز الثقافية والعلمية بين الطبقات التي اريد ان تكون الجامعات وقفاً على اوساط اجتماعية وطبقية معينة لديمومة الفوارق الطبقية ما فتح الابواب لبلورة رؤى ومواقف سياسية وايديولوجية تعبر عن مصالح كل الطبقات دون تمييز والتقريب بينها. وحاولت السلطة في الفترات المظلمة التي عاشها العراق الغاء الاستقلال العلمي والفكري للجامعات العراقية واحتوائها وتسييرها على وفق الانماط التي تخدم مسيرة السلطة وتعزيز توجهاتها السياسية والاقتصادية بفرض سياسات في القبول والمناهج وطرائق التدريس وهوية التدريسيين السياسية والفكرية ما تسبب في خفض مستوياتها العلمية وانحطاط الكثير من اقسامها بعد ان تحولت الشهادات بضائع عرضة للبيع لمالكي المال والموالين للسلطة والمتنفذين وذوي الوجاهات وتحولت الجامعات الى هياكل خالية من مضامينها العلمية وفقدت المسوغات التي قامت من اجل النهوض بها ما يتعين ايلائها اهتماما اضافياً لتجاوز الحالات التي وصلت اليها وعززتها الممارسات الاخيرة بعد احتلال العراق وزجها في الصراعات الطائفية والعرقية ومحاولات جرها الى مسارات جديدة لاستبدال اسسها التربوية وفلسفتها التي قامت عليها ومسخ شخصيتها المستقلة وتسخيرها لتشويه الحقائق التاريخية وقتل الطموحات العلمية وتحطيم الاطر التي احتوتها ورعتها وما الجرائم التي اقترفت بحق عدد كبير من الاكاديميين والاساتذة الا سبيلاً للوصول لهذه الغايات ما يقتضي العمل على ابعاد الجامعات عن الصراعات الحزبية والطائفية وابقائها محتفظة بشخصيتها المعنو ية واستقلالها ووضع الخطط الكفيلة برفع كفاءاتها وتحسين مناهجها التي تجاوزها الزمن وضخ الدماء الجديدة الى طرائق التعليم فيها ورفع مستوى التدريسيين فيها وفتح كل المنافذ لتدفق المعلومات العلمية والادارية الى مفاصلها الاساسية للتكيف مع ما وصلت اليه جامعات العالم المتقدم والافادة من ثورة التكنولوجيا في المعلومات والاتصالات لبلوغ ذلك والتوجه الجاد والفاعل على حماية الاساتذة مما يتهددهم لانهم الثروة التي لاتعوض وهم ذخيرة العراق الان وفي المستقبل ورد الاعتبار والمكانة لهم وحمايتهم من الاذلال والمهانة واستلاب حقوقهم في التعامل مع الطلبة على قدم المساواة على وفق الضوابط والتعليمات الجامعية والنأي بالجامعات عن الصراعات ومحاولات التدخل بشؤونها من قبل الاحزاب ومحاولات املاء اراداتهم على الاساتذة والعاملين فيها للارتقاء بالمستوى العلمي وتخريج اجيال من الطلبة القادرين على النهوض بالبلاد واعادة الحياة الحديثة الى كل مفاصلها الاساسية وايلاء التعليم الاهلي الجامعي الاهتمام المطلوب وانتشاله من الامراض التي تسللت اليه في زمن الفوضى والاضطراب وغياب الرقابة الفاعلة وضعف الروادع الاخلاقية والوطنية واعتماد السبل الجديدة في الامتحانات والتقييم لقطع الطريق على الاساليب المنحرفة وتطعيم الجامعات الاهلية باساتذة اكفياء ذوي قدرات علمية واسعة لتحريك مياه الجامعات الراكدة باتجاه سواحل العلم والتكنولوجيا العالمية لتطوير وسائل الانتاج وزيادة قدراتهم العلمية لمواجهة الحياة وخوض غمارها لخدمة بلدهم وتنمية مجتمعهم وانفسهم. وهنا لابد من ايضاح حجم المعاناة التي يعانيها اغلبية اولياء امور الطلبة من الاعباء المالية التي يتحملوها جراء الارتفاع الحاد في النقل والمصاريف الجامعية الاخرى من كتب وملازم ونشرات واجور التدريس في الجامعات المسائية الحكومية والاهلية ما ينبغي ان تبادر الدولة على معاونة اولياء امور الطلبة بتحمل قسطاً من المسؤولية المالية وصدرت قرارات عدة بذلك ولكنها لم تأخذ طريقها للتنفيذ املين التوجه لوضعها موضع التنفيذ والتوجه لتحسين المستوى المعاشي للهيئة التدريسية والضرب باقسى الشدة والقوة على ايدي كل العناصر التي تحاول تدمير العملية التربوية بممارسات خاطئة ومدانة لان التهاون والتساهل مع هكذا عناصر يعني خلق جيل من الخريجيين الفاقدين للامانة العلمية والفاشلين ما يتعذر الركون اليهم في قيادة البلد مستقبلاً باخلاص ومسؤولية وتفان.

 

 
 



 صفحة للطباعة صفحة للطباعة

 أرسل هذا الخبر لصديق أرسل هذا الخبر لصديق

 
 

 
 

· البحث في اخبار منوعات
· البحث في اخبار جميع الصفحات


أكثر خبر قراءة في منوعات:
المخدرات والاتجار بالبشر أخطر الجرائم المنظمة بأوروبا