محليات: الرحيل المفاجئ

 
 


احمد العاني

غمرتني مشاعر من  الحزن الممض  والأسى العميق وبقية الأخوة في الحركة الإشتراكية العربية حين تناهى الى مسامعنا الخبر الأليم والمصاب الجلل بوفاة الأخ والصديق حبيب بحادث سيارة على طريق السليمانية - أربيل الذي شاركنا مر الأيام وحلوها ،وكان أحد رفاق الطريق لعديد العقود وتحمل الكثير من جور وظلم ومطاردة النظام السابق ،وبقي ثابتا لم تهتز وتضعف لديه القيم والمفاهيم الوطنية والقومية التي تجذرت في أعماقه منذ خطوات شبابه الاولى  



وعانى  من جراء تمسكه بها  الكثير من شظف العيش وقسوة ومرارة الحياة ،ولم يفرط بما عاهد نفسه عليه من الصمود والمطاولة والتحمل ،حتى خط النظام نهايته وأسس لها ،وعاد بعد التغيير عاملا نشطا في حقل العمل السياسي ورفد صحيفة ( الجريدة )بالعديد من الكتابات ،حتى اضطر تحت وطأة ظروفه المعيشية الانتقال الى إقليم كردستان والعيش هناك ،وكان القدر قد رسم نهايته في الإقليم الذي منه فقد فلذة كبده إبنه البكر ،الذي ترك له جرحا غائرا في أعماقه لم يندمل ،وحمل نفسه ما آل إليه مصير ولده آلان ،حين حاول تحريره من سجن العراق الكبير آنذاك ،لعله يجد فرصته في الدراسة والحياة خارج العراق ،لكن القدر قسى ثانية عليه ليختفي في ظروف غامضة ومجهولة ودون أثر بعيدا عن أهله ومحبيه،وها هو الوالد يلاقي ذات المصير ليموت ويدفن بعيدا عن أصدقائه و أحبائه وبلا وداع.
إن موت أبي آلان سيترك ندبة حزن عميقة في نفوسنا لا تمحوها الأيام ولا تنسيها السنون ،وسيبقى هم غيابه الدائم يحاصرنا ويلفنا بحزن أليم وأسى مقيم ،وإذا كان فراقه فاجعة مؤلمة لأهله واسرته ،فانها تمثل خسارة لا تعوض لنا الذين قطعنا سوية شوطا طويلا من رفقة الحياة ،وستبقى ذكراه مقيمة في نفوسنا لا تبارح مخيلتنا . إن شاء الموت ان يخطف أبا آلان منا حكما لسنن الحياة وقوانينها الأزلية والتي لا راد لها ولما يزل مشوارنا بحاجة الى بقائه معنا ،لكن تبقى رفقة الطريق الطويل وما إكتنفها من صعاب ومشاق وما حفرته ورسخته وعمقته سيرته الذاتية معينا من العطاء الثر يؤشر افقا لعلاقات أخوية صادقة لمن يحاول ان يقتفي آثارها ويترسم خطاها من رفاقه .
يمر الإنسان في حياته بعديد المحطات من العلاقات لكن هناك من العلاقات من تستوطن الذاكرة وتأبى ان تفارقها ،تجددها وتعمقها المواقف وتبعث الدفءوتضيء ظلامية الزمن الرديء الذي غابت عنه إشراقات الصداقات الصادقة والتعاون المنزه عن الأغراض والمصالح العابرة ،وعلاقاتنا بأبي آلان كانت وستبقى عصية على إرادة النسيان تستفز ذاكرتنا ومشاعرنا وتحرك نوازع الحزن في دواخلنا كلما مرت ذكراها  وهي مقرونة بفقدانه .
وستبقى علاقات الإخوة والمودة التي جمعتنا لعشرات السنين باقية وسيبقى حاضرا بيننا أخا وصديقا نتذكره في زحمة الأيام العصيبة التي نعيشها ونصارع الزمن لتنحيتها عن حياتنا وحياة شعبنا .رحم الله حبيب والصبر والسلوان لعائلته وذويه ورفاقه.

 

 
 



 صفحة للطباعة صفحة للطباعة

 أرسل هذا الخبر لصديق أرسل هذا الخبر لصديق

 
 

 
 

· البحث في اخبار محليات
· البحث في اخبار جميع الصفحات


أكثر خبر قراءة في محليات:
تعيين عدد من المعلمين والمدرسين في تربية واسط