المرأة: أي تحجيم لدور المرأة - هو تحجيم لنصف المجتمع

 
 


ماجد صبر العجرش
كنت قد حددت مقدمة لبعض المقالات ذات المحتوى الفكري والاقتصادي والاجتماعي اي التي تحلل الموضوعات ذات الاهمية في العلاقات الاجتماعية وتشخص الحلول وتعطي المفردات التي اذا امسك بها فانها تؤدي الى المنهج الصواب . وكانت هذه المقدمة تبدأ (لعل اروع مافي الحركة الاشتراكية العربية انها تؤمن بالديمقراطية كفكر ومنهج لبناء المجتمع الاشتراكي الموحد المنشود والذي لا مجال فيه للضعف والذيلية والاستغلال والذي يحقق التقدم للمسيرة نحو اهدافها الوطنية والقومية).



وتأسيساً على ذلك فان عملية النهوض الاجتماعي والاقتصادي وبناء المجتمع الحضاري المتطور لا يمكن ان تتم الا بالحشد الوطني والشعبي وبارادة حرة ومؤمنة ومستوعبة لكل الطاقات والابداعات والتي  تشمل في جوانب تنفيذها كل مفردات الحياة وهذه الحالة لاتتم الا بان تستنهض وتحشد كل مبادئ ووسائل الاشتراكية الديمقراطية لانها الوسيلة التي تخلق قناعات حقيقية وراسخة لدى الجماهير بما يجعلها تسهم اسهاماً فعالاً في عملية البناء واستنتاجاً من ذلك فانه كيف يتم لعملية النهوض تهيئة سبلها وادواتها اذا تم تحجيم قطاع واسع من الشعب وذات قدرات وامكانيات هائلة .
اذا سلمنا مبدئياً وحقيقة بان المرأة تشكل نصف المجتمع وانها هذا النصف قد وضعت امامه السدود بما يحجم دوره ويشل امكانياته فان عملية النهوض الحضاري تبقى ناقصة ويصبح المجتمع كالفاقد ساقه ويتكئ على قدم واحدة . ان نظرة فاحصة وثاقبة لمكونات المجتمع تظهر لنا ان القطاع النسوي هو خلايا النحل المنتجة الفاعلة التي تبدع في عطائها وتلون الحياة بصور متعددة والوان زاهية بما يثير البهجة والسرور ويبعد القلق والعوامل النفسية المضرة ويخلق بدلها حالة من الانسجام النفسي ويكون المردود لهذه الحالة هو قفزة نوعية في الابداع والنضوج مما يساعد على خلق اضافات جديدة تسهم في خلق رؤى جديدة لاهداف مستقبلية ، ان ابقاء التشريعات التي تضيق دور المرأة في عملية التغيير الاجتماعي فانها قد تكون مساعداً لدور الثالوث الخطير فقر -جهل-مرض لكي ينهش في جسد الشعب ويخلق حالة تأباها القيم الحضارية والخلقية لا بل وحتى التشريعات الدينية .
ان تحجيم دور المرأة قد يضيف ارتال جديدة من العاطلين الى ساحة البطالة ومن نتائجه انخفاض المستوى المعاشي وشيوع حالة الامية والفقر وتبرز على اثر ذلك حالة من تخلف في الانتاج وانخفاض في الدخل القومي وتصاب حالة النهوض الوطني بشلل قد يكون ظاهراً وبشكل مؤثر في بعض الميادين لذلك تقاس عملية النهوض الحضاري بالمكانة الكبيرة التي تشغلها المرأة في الانشطة المتعددة للحياة .
ان بلداً نامياً مثل العراق بحاجة الى حشد كل مكونات الشعب العراقي ولا تستثنى من ذلك شريحة معينة لان كل مكون يمتلك طاقات وقدرات تسهم في الابداع والتطوير قد لا يمتلكها مكون اخر وبما ان المرأة هي مزرعة الله في ارضه فعلينا ان نجعل هذه المزرعة زاهية منعشة تنبض بالحياة المشعة وبديمومة عطاء لا ينفد.
ولكي نضع القطاع النسوي بكل ثقله في المسيرة فعلينا ان نراجع كافة التشريعات القديمة والحالية ونرى كم هي في بعض نصوصها مجحفة بحق المرأة وتعوزها كثير من الجوانب الانسانية كتشريعات الطفولة والامومة والعوز والوظائف المناسبة وعدم الضغط عليها بثقل التشريعات التي ترهق كاهلها .
اذا اردنا ان تكون عملية النهوض الحضاري شاملة ولا يعوزها ثغرات تؤدي الى خلل يحدث تراجعاً في التقييم للنتائج المتوخاة فعلينا ان نكون قد وضعنا الاسس الكاملة لعملية تنشيط دور المرأة وخلق ثقافة عميقة في المجتمع فلا بد ان نبدأ من الاساس بتشريعات الطفولة والحضانة ونفتح باباً من الوقت المناسب لكي تسهم فيه المرأة باعطاء ابداعاتها في المكان المناسب .ان الاتساع في انشاء رياض الاطفال وفق الاسس العصرية الحديثة قد يخلق مجالاً يحث المرأة في ان تسهم وتبدع بكل حرية وارادة وبذلك تكون عملية النهوض متزنة وقابلة لان تخلق اضافات جديدة في الانتاج الوطني. ومن المعوقات التي تؤثر على دور المراة هو بقاء قسم من التقاليد والثقافة المتأخرة تنخر في جسم المجتمع فلا بد من سياسة تربوية واعلامية تشمل كل جوانب الحياة وتفصح عن نقلة نوعية في التوجه الفكري الذي يتناول جوانب الحياة الاجتماعية والاقتصادية ويخلق قناعات راسخة ومن الجوانب التي نراها لازالت متأخرة هو عدم ولوج الطالبات الى المدارس الزراعية والصناعية وهذا بحد ذاته يشكل خللاً حيث تبقى كثير من الايدي العاملة عاطلة مما يساعد على ذلك هو عدم وجود سياسة تخطيطية لتوزيع المعاهد الصناعية والزراعية ودور التمريض ومراكز رعاية الامومة والطفولة حيث نرى ان معظمها يتركز في مراكز المدن وقليل في الاقضية وتفتقر النواحي والقرى الكثير منها اننا نرى ان يتم تنشيط دور مؤسسات المجتمع المدني لكي تأخذ مداها الاوسع في عملية البناء الاجتماعي ولا سيما في مجال الاتحادات النسوية وفتح كافة الانشطة التي تساعد على تطوير قابليات المرأة واعطائها الدور الفاعل في جميع المجالات .
اننا نرى ان حالة التخلف تبقى مستشرية في اي مجتمع ما لم تكن هناك نظرة مدركة تؤكد وبعقل ثاقب ان حالة النهوض الحضاري للمجتمع هو بمدى مشاركة المرأة بجميع المؤسسات والانشطة الاقتصادية والاجتماعية وفتح الابواب على مصراعيها امام ابداعات المرأة لكي تصب جميع قدراتها في النهضة العلمية للمجتمع وتسهم اسهاماً فاعلاً في تحقيق مجتمع الرخاء والعدالة وبما يجعل المجتمع يرفل بالعز والعيش الكريم.

 

 
 



 صفحة للطباعة صفحة للطباعة

 أرسل هذا الخبر لصديق أرسل هذا الخبر لصديق

 
 

 
 

· البحث في اخبار المرأة
· البحث في اخبار جميع الصفحات


أكثر خبر قراءة في المرأة:
زواج المرأة من رجل يصغرها سنــّا ً... أسبابه ُ ونتائجه ُ