المرأة: العنف ضد المرأة..بين الموروث الاجتماعي والقرارات الدولية

 
 


تتعرض المرأة في جميع مجتمعات العالم إلى أنواع من العنف والتمييز في نطاق الأسرة والمجتمع والدولة على حد سواء ويمكننا أن نقول بان التقاليد والأعراف وتطبيقات الدين الخاطئة والعادات الاجتماعية الموروثة هي من أهم أسباب ومبررات العنف ضد المرأة حيث تساعد هذه القيم والعادات الاجتماعية على تأسيس ثقافة ذكورية متعالية تنظر إلى المرأة بنظرة دونية تجعلها في الدرجة الثانية من سلّم  الإنسانية.
واللافت للنظر في مجتمعاتنا العربية إن هناك ضعف في المنظومة القانونية التي يجب ان تحمي المرأة من هذه الممارسات الأمر الذي يؤدي إلى التساهل والتغاضي في معاقبة مرتكبي العنف ضد النساء تحت ذرائع ومبررات الدين والتقاليد والأعراف التي مازالت توفر الحماية والغطاء لاستمرار الانتهاكات والعنف والتمييز ضد المرأة



ولقد تم تعريف العنف بتعريفات عديدة أهمها ما جاء في الإعلان العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة والذي وقعته الأمم المتحدة سنة 1993 حيث تم تعريفه على انه ( أي فعل عنيف قائم على أساس الجنس ينجم عنه أو يحتمل ان ينجم عنه أذى أو معاناة جسمية أو جنسية أو نفسية للمرأة، بما في ذلك التهديد باقتراف مثل هذا الفعل أو الإكراه أو الحرمان التعسفي من الحريـة، سواء أوقع ذلك في الحياة العامة أو الخاصة). ولقد شهد العالم منذ سنوات طويلة نشاطات مهمة لمنظمات إنسانية وناشطين مدنين ومؤسسات كثيرة عملت جميعها على مناهضة العنف ضد النساء ومحاولة القضاء عليه من خلال البرامج والنشاطات والقرارات الأممية حيث أعلنت الجمعية العامة يوم 25 نوفمبر اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة، ودعت الحكومات والمنظمات الدولية والمنظمات غير الحكومية إلى تنظيم أنشطة في ذلك اليوم تهدف إلى زيادة الوعي العام لتلك المشكلة.
ومن جانب آخر اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة في الثامن عشر من كانون الأول / ديسمبر 1979، اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة "سيداو CEDAW"، حيث دخلت الاتفاقية حيّز التنفيذ في 3 أيلول / سبتمبر 1981 كاتفاقية دولية بعد أن تم المصادقة عليها من قبل صادقت الدولة العشرون. وبحلول الذكرى السنوية العاشرة للاتفاقية عام 1989، كان ما يقرب من مائة دولة قد وافقت على الالتزام بأحكامها.وبلغ عدد الدول التي انضمت إلى الاتفاقية 171 حتى تاريخ 28 تشرين الثاني 2004.
وهنا علينا ان نشير الى حقيقة مهمة وهي ان المرأة العربية والمسلمة بالذات أخذت تتطلع للقرارات الأممية ومنظمات الدول الغربية من اجل إنصافها وتوفير الحماية لها بينما تتجاهل أنظمتنا وحكوماتنا حقوق المرأة وضرورة حمايتها من العنف الذي تتعرض له بالرغم من ان الإسلام والقرآن الكريم كان أول من وفر الحماية للمرأة من الجاهلية القديمة والحديثة حيث تحرص الشريعة الإسلامية على ضمان الحقوق الكاملة للمرأة (الاجتماعية والسياسية والثقافية) ويسعى لان تكون المرأة مستقلة ومتمتعة بكل حقوقها الفردية والاجتماعية والإنسانية. فالمرأة يجب ان تتمتع بحقوق تعادل ما عليها من واجبات ثقيلة في المجتمع،
يقول تعالى: (ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف) وقد اعتبر الإسلام المرأة كالرجل: كائناً ذا روح إنسانية كاملة، وذا إرادة واختيار ووضع لهما منهجاً تربوياً وأخلاقيا وعلمياً وأكد أن الجنسين قادران على انتهاج طريق الإسلام للوصول إلى الكمال المعنوي والمادي لبلوغ الحياة الطيبة: (من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلـنحيينه حياة طيـــبة ولنجزينهـــم أجرهم بأحسن ما كـــانوا يعملون).. فالإسلام يرى المرأة كالرجل إنسانا مستقلاً حراً.
وبالنسبة للحقوق السياسية للمرأة في الإسلام ومن خلال القرآن الكريم وآياته يوجب العمل السياسي بمستوى الكفاية على الرِجال والنّساء كمعارضة الحكّام الطّغاة، وإقامة الدولة الإسلاميّة وتوجيه الرأي العام السياسي... الخ، كقوله تعالى: (ولتكن منكم أُمّة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأُولئك هم المفلحون).
إنّ القرآن الكريم في هذه الآية يوجب أن تكون من المسلمين اُمّة (جماعة) تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر.. وهذه الجماعة شاملة للرِّجال والنِّساء على حدٍّ سواء، بدليل قوله تعالى: (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأُولئك هم المفلحون)ومن الواضح في الفكر الإسلامي أنّ المساحة السياسية هي مساحة واسعة تضمّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ اللّذين يشملان الدعوة إلى إقامة النظام الإسلامي، ومواجهة الحكّام والأنظمة الظالمة والمنحرفة، كما يشمل المشاركة في إدارة السلطة، وتخطيط سياسة الأمّة، والتثقيف السياسي والشورى والبيعة كاختيار الحاكم وممثِّلي الأمّة، والمشاركة في التمثيل عن الأمّة في المجالس التي نسمِّيها بمجالس الشورى (البرلمان).
لذلك نجد وتماشيا مع مبادئ الدين الإسلامي وبما يتوافق مع القرارات الدولية والإنسانية إننا يجب أن نعمل جميعا لحماية النساء من العنف الذي يمارس ضدهن في الخفاء والعلن من خلال تفعيل دور القضاء وإنفاذ القوانين وتطبيقها والعمل على توعية المجتمع باتجاه التخلص من التقاليد والأعراف الخاطئة والموروثة منذ قرون لنصل إلى التعبئة الاجتماعية الناجحة التي يقودها الإعلام ومنظمات المجتمع المدني والمؤسسة التربوية من اجل بناء ثقافة احترام المرأة لتعيش سنواتها المقبلة بكرامة بعيدا عن التجاوزات والانتهاكات.

 

 
 



 صفحة للطباعة صفحة للطباعة

 أرسل هذا الخبر لصديق أرسل هذا الخبر لصديق

 
 

 
 

· البحث في اخبار المرأة
· البحث في اخبار جميع الصفحات


أكثر خبر قراءة في المرأة:
زواج المرأة من رجل يصغرها سنــّا ً... أسبابه ُ ونتائجه ُ