وثائق: جدلية فكرة الوحدة الوطنية

 
 


راسم  الحديثي
يتميز مفهوم الهوية الوطنية في انها حالة سياسية وارادية خالصة تتسم بطبيعتها الجماعية, وتقوم على الاتفاق وعن وعي تام بين سكان اقليم معين بغض النظر عن اصولهم وتمايزاتهم على العيش معا في مجتمع تحكمه سلطة سياسية واحدة ونظام قانوني واحد, اي يصبح الولاء للدولة - الوطن هو المقوم الاساسي لبناء الهوية الوطنية لسكان الاقليم.



وما يميز مفهوم الوطن تمثيله للمصلحة المشتركة فوق المصلحة الشخصية في الوقت الذي تصبح فيه الفوارق العرقية ثانوية, ولهذا السبب تزداد هذه الهوية قوة كلما ازداد استقرار البلد وتحسن الوضع الامني وازداد ايمان الشعب بعدم وجود حرمان او فوارق طبقية او تهميش. والهوية الوطنية اشبه بالخلايا الدفاعية في ذات الوطن ,اذا كانت قوية  وواضحة وشاملة فانها تساعد الجسم الوطني على تجميع قواه واكتساب الثقة بنفسه.
وقد تضطرب تلك الهوية في مجتمع يسوده الحرمان والاحساس بالفوارق الطبقية وتفقد الناس الاحساس بالامن  والاستقرار والعيش الكريم ,ونتيجة طبيعية لذلك يتفرق المجتمع الى جماعات تتشابه بانتماءات اخرى كالدين او الطائفة او القبيلة  او العرق  وبالتالي تتكون هويات جديدة فرعية تحل محل الهوبة الام الوطنية , وبما ان للافراد الدافعية للتفتيش عن هوية اجتماعية ايجابية , وذلك للحصول على تقويم ايجابي لجماعتهم بمقايستها بجماعات اخرى فينقسم المجتمع الواحد الى مجتمعات صغيرة متناسفة وتضرب في اعماق التاريخ الديني او القومي لايجاد جوانب ايجابية  تدعم (نحن ) ضد (هم).
واذا استمر الحال كما هو في مجتمع مضطرب تزداد الهوة بين الهويات الفرعية ويزداد تمترسها خلف ثقافتها المستمدة من اعماق تاريخها حتى يجعل والحال هذه من العودة الى الحالة الطبيعية (الهوية الوطنية ) يحتاج الى ثورة اجتماعية ومعلوماتية مرتبطة بنظام وطني يحاول اعادة الثقة بين الشعب وحكومته وزمن اضافي لاعادة الثقة والقضاء على نظرية المؤامرة بين مكونات الشعب (الهويات الفرعية).
ومن امثلة تمترس الهويات الفرعية وضعف الهوية الوطنية الاضطراب المجتمعي في العراق نتيجة نظام ألمحاصصة وتقوية الثقافة الطائفية على حساب الثقافة الدينية الجامعة وقلق ألأقباط  ومكونات شعبية واسعة في مصر بسبب الدستور الجديد بعد ثورة 25 يناير , وليبيا وتونس والتي تشهد ربيعا عربيا وحراكا شعبيا واسعا والتي تلاقي صعوبة استثمار انتصاراتها لغياب حركات وطنية قادرة على استيعاب حركة الشعوب وتطلعاتها لبناء دولة المواطنة .
لذلك لابد من الخوض في ما يدعم الهوية الوطنية وايجاد مبررات نموها وازدهارها وللغور في ذلك يتم البحث عن نظام يحتوي الجميع ولا يميز بين مواطن و اخر وبين جماعة واخرى لاي سبب كان ديني او عرقي ويبحث عن مسببات الحرمان المجتمعي والعمل على القضاء عليها وفتح افاق قبول الاخر ودعم الممارسات السلمية للحصول على المطالب الشعبية , وفسح المجال لكي تأخذ الجماعات الدينية والاثنية حقها بانتماءاتها الفرعية (الهوية الفرعية) لتكون داعمة للانتماء الاكبر (الهوية الوطنية) , اي البحث في السبل التي تجعل المنافسة بين الهويات الفرعية تصب لخدمة الهوية الوطنية ,وقد نجد مجموع ما ذكر اعلاه يدخل في مفهوم الدولة المدنية الحديثة.

 

 
 



 صفحة للطباعة صفحة للطباعة

 أرسل هذا الخبر لصديق أرسل هذا الخبر لصديق

 
 

 
 

· البحث في اخبار وثائق
· البحث في اخبار جميع الصفحات


أكثر خبر قراءة في وثائق:
هيكل: حائط الصواريخ والفرق بين مشروع ومبادرة روجرز