الصفحة الاخيرة: شبكات التسوّل وقوائم التنقلات والمسح الميداني!!

 
 


أكرم علي حسين
تقتضي ظروف عملي المرور يومياً عبر شارع فلسطين وانتهاءً بمنطقة الوزيرية، وعلى مدى سنوات وخاصة عند التقاطعات المرورية أتأمل وجوه المتسولين وما اكثرهم وعادة هم خليط من كبار السن والنساء والاطفال اضف اليهم ادعياء العوق .. وجوه اتأملها صباح ومساء كل يوم .. في الاشهر الاخيرة لاحظت تبدلاً في المواقع، وكذلك افتقدت البعض منهم .. وكانت مفاجأة لي عندما اكتشفت وبعد طول غياب عودة المفقودين الى مواقع عمل جديدة ولكن ضمن رقعة جغرافية محصورة بين شارع فلسطين ومنطقة الوزيرية !! الواضح ان هناك فعلاً شبكات منظمة مناطقية تشرف على توزيع المتسولين وتحديد اماكن مرابطتهم وكذلك وضع جداول زمنية يلتزم بها الكل واذا كانت هناك ساعات اضافية فلذلك ايضاَ ضوابطها ويتفق بشأنها الطرفان؟!!



لقد كنت اتصور ان هناك مبالغة عندما يؤكد بعض الاصدقاء ان هناك منظمات سرية او غير مرئية تتحكم في توزيع المتسولين من مختلف الفئات العمرية وتشرف وبصورة متواصلة على آدآئهم واساليبهم في التأثير على المارة أو العابرين بمركباتهم الى مواقع عملهم او محلات سكناهم..
 لقد تأكد لي صحة المعلومات المذكورة وتأكد لي ايضاً ان تلك المنظمات تجري مسوحات ميدانية واحصائية عن اماكن الزخم المروري والاحياء السكنية المرتبطة باهم شوارع مدينة بغداد .. وفي هذا السياق اود ان اشير الى ما يجري عند رقبة الجسور الرئيسية وعلى امتداد مقترباتها وفضاءاتها والطريق المخصص لعبور المركبات، هنا ترى تشكيلة من المتسولين من اعمار مختلفة يضيقون عليك الخناق ويربكون عملية السير فقد بات للتسول اشكالاً مبتكرة، فهذا يمد يده ليناولك علبة مناديل ورقية وآخر يرمي بوجهك علبة بسكويت منتهية الصلاحية .. وهناك مجموعة من الصغار تحمل ماسحات صغيرة وقطع قماش مبللة لتنظيف زجاج المركبات!! ولان طرقنا دائماً مزدحمة ويتطلب التنقل - احياناً - ساعات طويلة فلا تشغل بالك فسترى الى جانبك من يحمل قناني الماء واقداح الشاي المعطر بالهيل!! واقسم بالله العظيم انني شخصياً وفي فترات سابقة كنت اتردد على الاردن وسوريا واتجول في الكثير من احياء العاصمتين عمان ودمشق ولم يصادف ان وجدت متسولاً واحداً حتى في الاحياء المصنفة انها فقيرة او غير ميسورة الحال .. ويؤلمني ان اجد مدينتي بغداد وقد ابتليت بهذا الطوفان من المتسولين الذين يشوهون باشكالهم المقرفة واساليبهم المخجلة والمعيبة اصالة اهل بغداد واعتزازهم بكبريائهم وكرامتهم، حتى في اصعب واحلك الظروف التي مرت على الاجيال المتعافية من ساكنيها .. والغريب ان الاجهزة المعنية في الدولة لا تحرك ساكناً لانقاذنا من هذه المصيبة الجديدة التي ابتلينا بها لتظاف الى عشرات المصائب التي تكدر علينا سياق حياتنا اليومية البائسة .. والغريب ايضاً ان تجمعات المتسولين تراها مكدسة قرب نطاق السيطرات المزروعة في قلب بغداد وكذلك ترى هذه المجاميع تقف بمودة والفة الى جانب عناصر المرور وكأن هناك شراكة بين الطرفين في ترتيب السير وافتعال التباطؤ في حركة المرور !! ويبقى الامر الاهم والاخطر ويتمثل في استغلال المتسولين من جانب المنظمات الارهابية التي تسعى بكل الوسائل والسبل غير الاخلاقية الى تجنيد عناصر تحقق لها اهدافها الاجرامية في قتل الابرياء وتدمير المنشآت المهمة والاستراتيجية وفي مقدمتها الطرق والجسور وايضاً اماكن اللهو (اليومي) من متنزهات وحدائق عامة وملاعب للاطفال .
اننا نحذر من استفحال ظاهرة التسول وتزايد اعداد المتسولين بشكل يقلق جميع المخلصين لما تمثله هذه الظاهرة من اذىً وتشويه للارث البغدادي الاصيل ولما تمثله ايضاً من اساءة للفرد العراقي عموماً الذي يرى في التسول اهانة بالغة لا تليق بالغيرة الوطنية وكرامة ابن الرافدين وايضاً الدولة العراقية التي يفترض انها حريصة على التصدي لكل الامراض والافات التي تشوه صورة المجتمع العراقي الذي يرفض بدوره هذا الانتشار المريع للمتسولين حيثما سار وحط الرحال ..

 

 
 



 صفحة للطباعة صفحة للطباعة

 أرسل هذا الخبر لصديق أرسل هذا الخبر لصديق

 
 

 
 

· البحث في اخبار الصفحة الاخيرة
· البحث في اخبار جميع الصفحات


أكثر خبر قراءة في الصفحة الاخيرة:
وفاة الفنان المصري غريب محمود وهو على خشبة المسرح