تحقيقات: الثروة الحيوانية في العراق بين الدعم الحكومي وانحسار الإنتاج

 
 


رعد الموسوي

يعاني أصحاب مشاريع الثروة الحيوانية ممن يعملون في مجال تربية الحيوانات من انحسار إنتاج المراعي الطبيعية لعدم صلاحية الارض للرعي وقلة الاعلاف الطبيعية على الرغم من تواصل سقوط الامطار لان الجفاف الذي اصاب العراق في السنوات الاخيرة المتتالية ادى الى تهالك الاعشاب بسبب زيادة ملوحة التربة وقلة الانتاج الزراعي وبالتالي انخفاض الإنتاجية للثروة الحيوانية، على الرغم مما يقدم إليهم من دعم مستمر من الشركة العامة لخدمات الثروة الحيوانية ومن المعلوم أن إنتاجية زراعة الأعلاف الحيوانية تعد مكملة للثروة الحيوانية.



مخلفات الأسواق
يقول حسام ماجد "مربي اغنام": اتجه منذ الصباح الى مخلفات الاسواق والخضراوات قرب الاسواق والمناطق السكنية لان الارض التي نرعى فيها لا يوجد فيها اي عود اخضر باستثناء نبات الطرفة فالاراضي التي كنا نرعى فيها اغنامنا تبلغ مساحتها اكثر من خمسة الاف دونم ما زرع منها الان لا يتعدى 20 دونما ولك ان تتصور حجم الجفاف الذي نعاني منه. وطالب بتوفير الدعم الحكومي لمربي الاغنام من خلال توفير الغطاء النباتي وحماية الانتاج الحيواني وسن قوانين تنظم العلاقة بين الدولة والمستثمرين في هذا المجال ومنح المربين قروضا مالية بفوائد معقولة وباقساط مريحة.

دعم وتجهيز مربي الحيوانات بالمواد العلفية
الشركة العامة لخدمات الثروة الحيوانية مستمرة بتقديم خدماتها الفنية والعلمية والاستشارية الى جميع اصحاب مشاريع الثروة الحيوانية ممن يعملون في مجال تربية الثروة الحيوانية بحسب ما اكده مصدر مسؤول في الشركة، موضحا: ان الشركة العامة لخدمات الثروة الحيوانية تهدف الى الاسهام في دعم الاقتصاد الوطني في مجال نشاط الثروة الحيوانية وفق خطط التنمية والمشاريع الخدمية والارشادية المنفذة وتقديم الخدمات والمستلزمات الى قطاع الثروة الحيوانية في عموم مناطق العراق عن طريق اقسامها المختلفة وفروعها في المحافظات.
وحول نشاطات الشركة خلال الاشهر المنصرمة اوضح المصدر ان نشاطات الشركة تتمثل بدعم وتجهيز مربي الحيوانات بالمواد العلفية حيث تم وضع خطة لمواجهة حالات الجفاف التي تواجه البلد وانحسار انتاج المراعي الطبيعية وانخفاض انتاجية المحاصيل العلفية واتخاذ الاجراءات المناسبة لمعالجة هذه المشكلة واهمها توزيع مادة الشعير العلفي المتوفرة في سايلوات وزارة التجارة الى مربي الاغنام والماعز باسعار تنافسية حيث بلغ سعر الطن الواحد المجهز الى المربي 200 الف دينار وبلغت الكميات التي تم توزيعها الى 160 الف طن وبلغ الدعم الاجمالي بحدود 16 مليار دينار وتم تخصيص كمية النخالة بحدود 600 الف طن لغرض توزيعها الى مربي الابقار والجاموس وباسعار مدعومة ويبلغ سعر الطن الواحد المجهز الى المربي 200 الف دينار حيث وزعت الكميات على شكل حصص شهرية ومن المتوقع ان يبلغ الدعم الاجمالي بحدود 54 مليار دينار كما يجري العمل على تخصيص كمية من مادة التمر الزهدي 110 آلاف طن لغرض تجهيز مربي الابقار والجاموس والماعز والابل حيث حددت آليات لتوزيع هذه المادة مشيرا الى ان قسم المشاريع يهدف الى تقديم خدماته الى مشاريع الدواجن المختلفة والعمل على تطوير صناعة الدواجن اما قسم الانتاج الحيواني يهدف الى تقديم خدمات الى مشاريع تربية الابقار والاغنام والماعز بطرق فنية وعلمية حديثة وكذلك نشاط المتاجرة بالاصواف والمنتوجات الثانوية.

نشاط التلقيح الاصطناعي للأبقار
واشار المصدر الى ان الشركة تعمل على دعم نشاط التلقيح الاصطناعي تنفيذا للخطة المعدة من قبل الشركة في تطوير النشاط الاصطناعي للابقار من خلال تجهيز قصبات السائل المنوي المجمد المنجز في مختبر قسم التلقيح الاصطناعي وان العمل متواصل لدعم دراسة مربي الابقار المنفذين للتلقيح الاصطناعي لابقارهم بتجهيزهم بكمية 300 كغم علف مجترات مصنع لكل بقرة الى جانب ذلك نجد قسم السيطرة النوعية يركز على عملية الاشراف على الاعلاف بتنفيذ عمليات السيطرة النوعية على المواد العلفية المستوردة من خارج العراق من خلال الفحوصات المختبرية ومطابقتها بالمواصفات العراقية المعتمدة والسماح لها بالدخول الى الاراضي العراقية وبعكسه يتم رفض هذه المواد ويمنع دخولها الى العراق اضافة الى قيام القسم باجراء الفحوصات المختبرية لمحصول الذرة الصفراء للمواسم السابقة.

نقص في إنتاج الدواجن
ويقول (محسن عيدان التميمي) صاحب مشروع دواجن: نلاحظ ان هناك نقصاً هائلاً في المنتجات الحيوانية اذ لا يتعدى انتاج لحوم الابقار والاغنام والماعز العشرين بالمئة من الحاجات العامة ولا يتعدى انتاج الالبان المحلية الخمسة بالمئة وباسعار كلفة مرتفعة اذا ما قورنت بباقي دول العالم. مشيرا الى ان قطاع الدواجن من القطاعات المهمة والحيوية لذلك لابد من منع دخول البضائع الرخيصة والرديئة النوعية الى العراق للمحافظة على الانتاج المحلي وتذليل جميع الصعاب التي تعترض صناعة الدواجن واقراض اصحاب مشاريع الدواجن من دون فائدة وضرورة تشكيل لجنة فنية متخصصة لدراسة واقع الدواجن وتحديد الاضرار التي لحقت بهذه الصناعة ومن ثم دراسة الحلول المناسبة للنهوض بهذا القطاع من خلال اعداد برامج علمية وارشادية مختلفة.

                   انخفاض إنتاجية الدونم
يقول المزارع (محسن ضمد محيبس): إن الأعلاف المخصصة للحيوانات أخذت تنخفض سنة بعد أخرى إضافة الى أن هذه الأعلاف تحتاج الى كميات كبيرة من المياه، مشيراً الى أن ارتفاع ملوحة الأرض الناتجة عن طريق الري غير المنتظم وتراكم الأملاح أصبح استحالة الاستفادة من بعض الأراضي الزراعية، فضلاً عن ارتفاع تكاليف تهيئة الأرض وعدم الدعم من ناحية الأسمدة والمبيدات فيما يتعلق بمحاصيل الأعلاف الأمر الذي يجعلنا نشتري الأسمدة الكيمياوية من الأسواق المحلية، وهذا ما يجهدنا بتكاليف باهظة، كذلك يؤثر على المحصول، فكلفة الأسمدة المرتفعة تجبرنا على شراء كميات قليلة غير كافية لنمو المحصول.
 منوهاً الى ارتفاع أسعار المبيدات، الأمر الذي يمنعنا من استعمالها وبالنتيجة تؤدي الى ارتفاع أسعار المحاصيل العلفية وما تتطلبه تربية الحيوانات من استهلاك الأعلاف بصورة دائمة، فضلا عن ارتفاع أسعار البدائل من الأعلاف اليابسة والذي يؤدي الى ارتفاع أسعار الكلفة وارتفاع أسعار اللحوم المحلية مقابل قلة أسعار اللحوم المستوردة.

قلة الأسمدة
أما الفلاح (جميل الشمري) فقال: إن الجت من المحاصيل المعمرة حيث يعيش أكثر من 6 سنوات، ومن المحاصيل المهمة للحيوانات نجده الآن ومع كثرة الأمراض التي تصيب هذا النبات وعدم صلاحية الأرض وارتفاع نسبة الملوحة وقلة الأسمدة التي تعطى للمحصول أخذ يتراجع. مشيراً الى أن محاصيل الأعلاف تسهم في استصلاح التربة وتحسين خواصها وزيادة المادة العضوية الناتجة عن تحلل جذور هذه النباتات والتي تؤدي الى زيادة نشاطات الكائنات الدقيقة في التربة وبالتالي تحسين تهوية التربة والمؤدية بدورها الى ارتفاع نسبة المواد الغذائية والعناصر المعدنية فيها ناهيك عن استخدام هذه المحاصيل كعلف حيواني وتجد من نمو الحشائش الضارة ونود من وزارة الزراعة دعم هذه المحاصيل وبالشكل الذي يتناسب مع أهميتها وما لها من أثر إيجابي في زيادة الدخل الوطني وتحقيق منفعة اقتصادية للمواطنين.

استيراد اللقاح
أما (جبر داخل) صاحب مشروع تربية الحيوانات في منطقة التاجي فيقول: يعاني مربو الحيوانات من صعوبات كثيرة تعترض طريقها منها ندرة التمويل لمشاريعها وصعوبة الاجراءات الخاصة بتوفير المواد العلفية واللقاحات والقروض، الأمر الذي أصابها بالشلل خلال الفترة الماضية، لذا يتطلب من الشركة العامة للتجهيزات الزراعية والشركة العامة للحبوب استيراد اللقاحات الفعالة ووضع حد للاستيراد المفتوح وتسهيل الاجراءات الخاصة بتوفير المواد العلفية بدلاً من تحميل المنتج أكثر من (100) ألف دينار زيادة عن كل طن من المواد العلفية والاسراع بقانون حماية الانتاج المحلي وتفعيل العمل فيه، فضلاً عن توفير اللقاحات بانسيابية.

إطلاق القروض
وأكد خبراء اقتصاد على ضرورة وضع سياسة مالية متكاملة من خلال تكثيف الاتصالات بالمصارف لتمويل مشاريع تربية الحيوانات وربط تطويرها بحاجات المستهلك ووضع خطة لمعالجة البيئة وضبط فضلات الانتاج بالتعاون مع وزارة البيئة وتنظيم دورات في الصحة والسلامة والانتقال من مفهوم تصريف الانتاج الى اعتماد الصناعة الزراعية على أساس علمي متطور وضرورة متابعة المجازر من خلال الرقابة الصارمة على كيفية ذبح الدواجن والمواشي وإيصالها الى المستهلك. وإطلاق القروض الزراعية التي تشجع المزارعين والفلاحين على تربية الحيوانات وزراعة مساحات واسعة من الأراضي الصالحة للزراعة بمواد الجت والبرسيم والشعير.
ويرى خبراء الاقتصاد ان الثروة الحيوانية في العراق قطاع حيوي وفعال اذا ما شملته رعاية خاصة واستثمارات كبيرة، واذا ما ادرج ضمن اولويات السياسات الاقتصادية للحكومة العراقية فانه سيكون موردا اقتصادياً عملاقاً، فبيئة العراق المناخية والجغرافية تساعد على تنامي قطاع الثروة الحيوانية بشتى انواعها.

 

 
 



 صفحة للطباعة صفحة للطباعة

 أرسل هذا الخبر لصديق أرسل هذا الخبر لصديق

 
 

 
 

· البحث في اخبار تحقيقات
· البحث في اخبار جميع الصفحات


أكثر خبر قراءة في تحقيقات:
طرق تربية الاسماك الحديثة