الصفحة الاخيرة: النجف وكردستان في وصية المناضل القومي محمد الحبوبي

 
 


أكرم علي حسين
قبل اسابيع قليلة رحل عن عالمنا المناضل القومي الكبير محمد عبد الهادي الحبوبي بعد معاناة طويلة مع المرض ولوعة المنافي جراء مقارعة الانظمة الدكتاتورية واجهزتها المخابراتية التي كانت تطارد خيرة المناضلين والشخصيات القومية والوطنية وتلاحقهم حتى في ديار الغربة .. لقد توقفت طويلاً عند وصية محمد الحبوبي وتأملت في معانيها الوطنية والاهداف التي يريد ان يوصلها الى كل العراقيين على امتداد مساحة الوطن ..



وصية محمد الحبوبي كانت بحق رسالة اخوة ومحبة وصداقة ووئام اتمنى ان يدرك معانيها الجليلة كل الساسة العراقيين وكل الوطنيين الذين يسعون بصدق وتفان في سبيل جمع الكلمة ولم الشمل في مواجهة القوى الطامعة والمجاميع الارهابية التي تعمل وتخطط  للنيل من الوحدة الوطنية ونشر بذور الفتنة الطائفية المقيتة بين ابناء الوطن الواحد .
لقد اوصى المرحوم محمد الحبوبي وكان يعرف حق المعرفة بان المرض داهم والموت متربص وان ما بقي له من العمر ليس إلا نذر النهاية .
اوصى بان يدفن ويوارى جثمانه الطاهر في ربوع كردستان التي امضى في احضانها سنوات طويلة مناضلاً مع اشقائه الاكراد من اجل اقامة حكم ديمقراطي تعددي في عراق موحد يسع جميع المؤمنين بالمصير المشترك والاخوة الأزلية بين العرب والاكراد وسائر المكونات الوطنية .
ان ما كتبه المرحوم محمد الحبوبي ليس مجرد وصية تقليدية تتضمن رغبات شخصية وعائلية مثل التي يدونها الكثيرون حتى وهم في افضل حالاتهم الصحية وانما هي رسالة وطنية على شكل وصية لها معانيها ودلالاتها النبيلة وخاصة في مثل هذه الظروف العصيبة والمصيرية التي يعيشها ويمر بها العراق الوطن والمواطنون .
لقد اختار محمد الحبوبي ان يكون مثواه الأخير في بقعة من كردستان العراق وهو سليل الاسرة النجفية العربية العريقة وحيث مدافن العائلة الكريمة في وادي السلام .. اراد محمد الحبوبي ان يقول لكل العراقيين إن المحبة والوفاء والايمان بوحدة اهله العراقيين من عرب واكراد ومن اجل تأصيل روح الاخوة العراقية الصادقة فانه يفضل ان تستقر رفاته في هذا الجزء الحبيب من الوطن الاثير الى عقله وقلبه الى جانب رمزيته المؤثرة التي ستظل تحتل مكاناً مرموقاً في الذاكرة العراقية .
وبهذه المناسبة فان وصية المرحوم محمد الحبوبي تعيد الى الذاكرة وصية الشهيد ناظم الطبقجلي الضابط القومي البارز الذي اوصى قبل اعدامه في ايلول من عام 1959 بان يصلي على روحه الطاهرة اية الله العظمى السيد محسن الحكيم وسماحة العلامة امجد الزهاوي مفتي الديار العراقية وكان بذلك يعبر عن رفضه القاطع قبل ان يودع الحياة للطائفية البغيضة وايمانه العميق بالدين الحنيف وان الرابطة المقدسة والشهادة الواحدة تكفي ليستظل بظلالها المؤمنون من جميع الطوائف ..
لقد تحول مأتم محمد الحبوبي في اربيل الى مأتم وطني كما تحولت مراسم تشييعه ودفنه الى مناسبة جمعت شخصيات وطنية وقومية بارزة من العرب والاكراد وهو ما كان يهدف اليه الراحل الكبير في وصيته ..هذه هي عائلة محمد الحبوبي الكبيرة اجتمعوا جميعاً في لحظات الوداع الأخيرة كما اجتمعوا معاً وعلى مدى اربعة عقود يحلمون ببناء عراق موحد يرفض كل اشكال التطرف القومي والديني والمذهبي .
الكبار كبار في حياتهم وكبار في مماتهم هكذا كان محمد الحبوبي فهنيئاً للنجف وهنئياً لكردستان وهنيئاً للعراق .

 

 
 



 صفحة للطباعة صفحة للطباعة

 أرسل هذا الخبر لصديق أرسل هذا الخبر لصديق

 
 

 
 

· البحث في اخبار الصفحة الاخيرة
· البحث في اخبار جميع الصفحات


أكثر خبر قراءة في الصفحة الاخيرة:
وفاة الفنان المصري غريب محمود وهو على خشبة المسرح