علمية: خواص كيميائية متنوعة لتربة المريخ

 
 


التقط المسبار "كيوريستي" التابع لوكالة الفضاء الأمريكية ناسا مواد تحتوي على عناصر كربونية فوق سطح المريخ، ويعكف العلماء على تحليل هذه المواد لتحديد ما إذا كانت مريخية الأصل، وبالتالي ستدلل على طبيعة المريخ الكيميائية، أم أنها نتيجة ملوثات أرضية .
وأحد الأهداف الرئيسة التي تسعى ناسا إلى تحقيقها من خلال رحلة المسبار إلى المريخ هو البحث عن أدلة على وجود المقومات الأساسية للحياة، مثل مواد عضوية تحتوي على الكربون، اللبنة الأساسية للحياة .



وأظهرت نتائج فحص أولى عينات التربة المريخية التي التقطها المسبار وجود الكربون والهيدروجين اللذين تفاعلا مع الكلور داخل أفرانه، ونتج عن التفاعل جزيئات عضوية . ويرى كثير من العلماء بحسب مجلة "نيوساينتست" أن ما عثر عليه المسبار ربما سيكون دليلاً على وجود مواد عضوية على الكوكب الأحمر، لكن لم يتضح بعد إذا ما كان الكربون مريخياً أم أنه جاء من كوكب الأرض عبر المسبار، لكنهم يؤكدون أن الكلور الذي تفاعل معه الكربون والهيدروجين من تربة المريخ . وبحسب علماء، فحتى إذا كان الكربون مريخياً، فربما كان قد جاء إلى المريخ من مصادر غير عضوية، مثل صخور الكربونات . كبير خبراء المُهمة، جون جروتزينجر، من معمل "الدفع النفاث" في باسادينا في كاليفورنيا يقول "في الحقيقة لانعلم تحديداً ما إذا كانت هذه العينات من تربة المريخ أم لا" .  ينتظر كثيرون نتائج تحليل العينات الذي سيعد بمثابة أحد اكتشافات "كيوريستي" الكيميائية التي أتى بمادته من بقعة رملية جرفتها الرياح إلى موقع يعرف بـــocknest" كشف عنه الاتحاد الأميركي لفيزياء الأرض (AGU) في اجتماع له في 2012 في سان فرانسيسكو . Rocknest بقعة رملية على سطح Aeolis Palus بين Peace Vallis و Aeolis Mons في حفرة Gale على المريخ.
ومنذ هبوط المسبار في الحفرة Gale في أغسطس/آب ،2012 بدأ في نشر معداته العلمية واحدة تلو الأخرى، وأجرى عدداً من التجارب التي استعرضها AGU في اجتماعه، ومن أبرزها أداة "تحليل العينة على المريخ" أو SAM، التي يمكنها اشتمام الغلاف الجوي المريخي وتحليل الغازات المنبعثة عند تسخين عينات التربة إلى 1100 درجة مئوية . ويؤكد العلماء قوة هذه النتائج بسبب تنوع العينات التي جمعها المسبار، وهو ما دفع جروتزينجر للقول إنها ستدرج في كتب التاريخ، في مقابلة معه منذ أيام قليلة . كما أوضح أحد  قادة علماء مشروع "ناسا" في واشنطن دي سي لاستكشاف المريخ أن النتائج دليل لم يسبق له مثيل على التنوع الكيميائي لتربة المريخ .
آثار من كوكب الأرض
جمع المسبار عينات من الرمل الناعم يحوي حبات دقيقة قل عرضها عن 150 ميكرومتراً . (الميكرومتر (6-10*1) من المتر) .يقول كين إيدجيت، الباحث الرئيس لكاميرا المسبار وتقنيات التقاط الصور إن حبات الرمل أنعم من السكر، ولكنها أكثر خشونة من الدقيق . وهذه الحبات هي التي كشفت عن وجود المركبات  المكلورة .كان المسبار قد التقط عينات متعددة من موقع Rocknest في أوائل أكتوبر/تشرين الأول ،2012 بعد أن أجريت له عمليات تنظيف للتأكد من عدم التصاق جزيئات أرضية به، ونقلت العينة الخامسة إلى الفرن الخاص بالمسبار، حيث تم تسخينها إلى أن أطلقت غازاتها ذات الخصائص المتميزة . وكشفت نتائج تحليل العينات وجود مركبات كربونية مكلورة، التي رجح العلماء أنها ربما تكون قد تكونت داخل فرن المسبار، ولم يتم التقاطها مباشرة من المريخ .وهنا يتساءل العلماء عن المصدر الذي جاء منه الكربون، فحتى بعد عملية تنظيف بالغة الدقة، ربما لايزال فرن المسبار يحوي آثاراً كربونية من كوكب الأرض . ولو كان هذا الكربون مريخياً، فربما يكون قد جاء من هيدروكربون عضوي، أو من كربونات غير عضوية، أما الكلور، فربما يكون قد جاء من مواد كيميائية تعرف بالبيركلورات، التي رصد وجودها من قبل مسبار "ناسا" "فينيكس لاندر" على مقربة من قطب المريخ الشمالي .وهذه المركبات توجد في الوقود الصخري وبعض أنواع المواد التفجيرية، لذا فإنها تتمتع بخواص سمية، بيد أن بعض الميكروبات الأرضية قد تستخدمها مصدراً للطاقة .بول ماهافي، باحث رئيس في فريق المسبار يقول: "سنقوم بعقد مقارنة بين نتائج فحص عينات مركبات كربونية أرضية الأصل وبين العينات المريخية لتحديد مدى الشبه بينهما ومن ثم تقرير ما إذا كانت الأخيرة مريخية أم أرضية الأصل". ولأن الرمال في منطقة Rocknest كانت قد جرفتها الرياح من مناطق مختلفة من سطح الكوكب الأحمر، فالنتائج الجديدة ستكون بمثابة قاعدة موثوق بها لتحديد خواص الكوكب الكلية . وينوي العلماء في وقت لاحق مقارنة المعلومات حول طبقات صخرية سيجمعونها من أبعد مكان سيصل إليه المسبار، وهو جبل ارتفاعه خمسة أمتار يعرف باسم "Aeolis Mons"، أو أحياناً "Mount Sharp" . وتكونت بعض من هذه الطبقات منذ أكثر من 3 مليار عام، عندما كانت أجواء المريخ دافئة، ورطبة بما لاءم نشأة حياة من نوع ما عليه .كما كشفت النتائج أن نسبة نظير الديوتيريوم (النظير الاثقل من الهيدروجين) في عينات تربة المريخ تفوق نسبته على الأرض بخمس مرات، وهو كشف قد يسهم كثيراً في تحديد وقت وكيفية فقدان الكوكب الأحمر، الجزء الأكبر من غلافه الجوي السميك، ويستعد الآن المسبار "كيوريستي" للانطلاق نحو جبل "Aeolis Mons، مدوناً ملاحظاته حول محطات سيمر بها أثناء رحلته الطويلة .

هيدروجين ثقيل
بحسب قوانين الجاذبية، فالأشياء أخف وزناً فوق المريخ، بيد أن هيدروجين الكوكب الأحمر يبدو ثقيلاً، فعندما حلل المسبار كيوريستي تربة المريخ للمرة الأولى، وجد نسباً عالية من الديوتيريوم، الذي يعرف أيضاً بالهيدروجين الثقيل . وتتكون معظم ذرات الهيدروجين من بروتون وإلكترون، وقد يحوي بعضها نيوتروناً ليتكون بوجود العناصر الثلاثة عنصر الديوتيريوم، الذي يندر وجوده على الأرض عن الهيدروجين . وتوجد في مياه البحار والمحيطات، ذرة ديوتيريوم واحدة مقابل 420 .6 ذرة هيدروجين . ويعتقد العلماء بأن الديوتيريوم نتج عن انفجار قوي انتشر بعده بوفرة على كل كواكب المجموعة الشمسية . لكن عند تحليل عينة التربة المريخية التي جمعها كيوريستي وجدت ذرة ديوتيريوم مقابل 284 .1 ذرة هيدروجين، وربما سيساعد ذلك العلماء على تحديد سبب ترقق غلاف المريخ الجوي، مقارنة بغلاف الأرض . بول ماهافي، باحث رئيس في فريق المسبار عزا السبب إلى فقدان المريخ للهيدروجين الخفيف عندما كان مناخه ادفأ وأكثر رطوبة، كما يمكن أن يكون ضوء الشمس فوق البنفسجي قد أدى إلى انقسام الماء في الغلاف الجوي، منتجاً هيدروجيناً حراً، وانطلق النظير الأخف في الفضاء بسرعات أكبر، مخلفاً وراءه كميات أكبر من الديوتيريوم .وربما سيتأكد العلماء من قوة هذا الاعتقاد إذا عثر  المسبار على معادن رطبة (أدلة على وجود الماء من فترات سحيقة)، عند جبل Aeolis Mons .

 

 
 



 صفحة للطباعة صفحة للطباعة

 أرسل هذا الخبر لصديق أرسل هذا الخبر لصديق

 
 

 
 

· البحث في اخبار علمية
· البحث في اخبار جميع الصفحات


أكثر خبر قراءة في علمية:
الانفلونزا خطيرة على الحامل ومريض القلب