تحقيقات: في السياسة الزراعية .. الزراعة نفط دائم

 
 


ماجد صبر العجرش
سأتناول هذا الموضوع من عدة محاور ونبدأ بالمحور الأول وهو الخارطة الزراعية والخطة الزراعية فأن من يريد إن يمسك بالعملية الزراعية بصورة دقيقة وان يحقق النتائج المتوخاة فعليه أن يضع الدليل النظري بين يديه والدليل هنا الخارطة الزراعية فهي التي تحدد مسارات العمل الزراعي وتعطي الصورة الواضحة حول كيفية استعمال التربة والمقومات المضافة إليها من مياه وإمطار ومن ثم الاعتماد على الدراسات الدقيقة التي ترشحت عما أفرزته الخارطة وهذه الدراسات تساعد على وضع الخطة الزراعية والتي تعتمد على ما يحتاجه البلد من غذاء متنوع وكذلك ما يرفد الناتج المحلي من غلل فائضة تساعد على الاكتفاء الذاتي ورفع مستوى الدخل القومي وهذه تعتبر أهداف قد ثبتت بعد ان تم تمحيص الخارطة الزراعية من جميع النواحي التي تسهم تشغيل ماكنة الإنتاج بشقيها التشغيلي والانفاقي ونظراً لكون الزراعة ومردوداتها هي غذاء البشر اولاً وكذلك كافة القطاعات والشرائح الأخرى ومصادر الثروة الاجتماعية كالثروة الحيوانية والسمكية والثروة النباتية وهذه المكونات لكي تسهم في إدارتها بمردودات تتماشى مع الخطط فيجب ان يكون هناك تخطيط مرن يأخذ بنظر الاعتبار أفضل الاحتمالات وأسؤها فبعد ان يقسم القائمون بوضع الخطة الزراعية البلد الى قطاعات حسب مصادر المياه وطريقة إروائها فمثلاً المنطقة الشمالية تروى بالأمطار فيجب ان يكون التخطيط دقيق في حالة انحباس المطر وكذلك وضع التكهنات الدقيقة عن مردود الغلة لكل دونم في هذه المنطقة لاسيما وأنها تعتبر صالحة لزراعة المحاصيل الحقلية وبالدرجة الأولى القمح لان تربتها خالية من الأملاح ويمكن ان تستعمل لزراعة المحاصيل الحقلية الأخرى الصناعية والاستهلاكية وحسب ما تم الاسترشاد به وعلى ضوء الخارطة الزراعية والمصدر الأخر الذي يغذي الثروة الزراعية هو السقي بالواسطة وهذه تشمل المناطق التي ترتفع فيه الأرض عن مستوى الأنهار وتعتمد أيضا على مياه الأمطار والسقي بالمضخات من الأنهار وأيضا لكميات الأمطار الساقطة تأثير على ذلك وهذه المناطق تعتبر مستودع كبير لزراعة القمح والقطن وذلك لجودة تربتها ولخلوها من الأملاح اما الجزء الأكبر من العراق فهو يسقى بالسيح مباشرةً من الأنهار وكذلك عن طريق الأمطار شتاءاً .



المحور الثاني فهو بناء النهضة الاجتماعية والاقتصادية التي لها علاقة بالناتج الزراعي مع الأخذ بنظر الاعتبار زيادة السكان وتطور العلاقات الاجتماعية وهذا يتطلب المعلومات الاحصائية الدقيقة لما تحتاجه المصانع التي تسهم في بناء الانتاج وعلى ما يتوفر من مواد اولية يرفدها بها قسم الانتاج الزراعي الصناعي ولاجل الا يكون هناك نقص في المواد الاولية فيجب ان يكون التخطيط سليم ولمعدل كل منتوج وان لا نتوسع في المنتجات الصناعية الزراعية على حساب الاستهلاك البشري فمثلاً يحتاج الانتاج الصناعي الى مساحات معينة من زراعة القطن والذرة وعباد الشمس والسمسم والكتان هذه المنتجات وبطاقات معينة تشغل كافة مصانع الزيوت ومعامل النسيج ويكون التخطيط بدرجة ان يتم فيه تحقيق اعلى نسبة من الاكتفاء الذاتي وتقليل المستورد من الخارج وهذا بدوره يرفد الميزانية بعملة نقدية تساعد على جعل المركز المالي بصورة مستقرة .
اما الجانب الاخر فهو تحديد المساحات المزروعة للاستهلاك البشري والغذاء اليومي للناس وكذلك لصناعة الأعلاف وغيرها وهذا يتمثل بان لا نتوسع بزراعة الإنتاج الصناعي على حساب زراعة القمح والشعير والرز وكذلك الماش والسمسم وكافة المنتجات ذات الاستهلاك البشري اليومي وان تكون التوقعات مقاربة للكميات المنتجة بحيث لا يكون هناك خلل بين الحاجة لما يتطلب السكان والكميات المنتجة .
المحور الثالث الاهتمام بالغابات والمراعي لان تطويرها يساعد على تطوير الثروة الحيوانية والسمكية والانتاج الحيواني ويعطي قوة للدخل القومي وهذا بدوره يعطي اضافة جديدة للمركز المالي للدولة وذلك بان لايكون الاقتصاد وحيد الجانب .
المحور الرابع قد بدأنا وقلنا بان الزراعة نفط دائم لانها انعاش وتقوية للتربة وخلق مناخ صالح للبيئة والبشر وكافة المخلوقات الاخرى وكما انها مستمرة ومتجددة وتغذي كافة المخلوقات بالغذاء وليس فيه ضرر ولا تدمير للارض اما المنشأت الصناعية كالنفط والكهرباء والطابوق والاسمنت والكبريت والفوسفات فهي تدمير للارض الزراعية على حساب الامن الغذائي وكافة منتجاتها هي سامة ومؤذية فيجب ان لايتم التوسع فيها على حساب الزراعة وقد علمت ان بعض محطات الكهرباء قد استملك لها من الارض مساحة 600 ستمائة دونم وهذه مساحة تحير العقول وغير منطقية لانها خيالية فيجب ان يكون هناك تخطيط عقلاني عند اقامة المشاريع الصناعية لكي لا يكون توسع على حساب الانتاج الزراعي .
المحور الخامس المؤسسات الاعلامية والادارية والثقافية، تعد الزراعة من اوسع القطاعات في العراق ويندرج في هذا القطاع شرائح واسعة بشتى صنوف الزراعة لذلك تحتاج الى مؤسسات ادارية وتخطيطية ومتابعة وتثقيف فلا يمكن ان تكون العملية الزراعية ذات طابع غير عقلاني لانه العملية الانتاجية الزراعية ذات ابعاد متعددة منها تحقيق الامن الغذائي والموازنة بين الانتاج المحلي وما يحتاجه السوق اذن لابد من مؤسسات تمتلك الخطط التي توضع الاهداف وعلى ضوءها يمكن تقييم العملية الزراعية فوجود الجمعيات الفلاحية والتعاونية والتسويقية شئ مهم جداً اضافة الى مسئولياتها الادارية فانها تمثل حلقة وصل بين الفلاح والمزارع والمؤسسات الرسمية لتذليل كل المعوقات التي تواجه العملية الزراعية وكذلك المتابعة للعملية الزراعية بكل تفاصيلها يومياً وميدانياً لكي يطمأن المنتج الزراعي بأن الحلقات قبل نضوج المحصول اذا صادفتها معوقات فيوجد من يسنده على تخطيها والحلقات التي تتم بعد جني المحصول من تسويق الى المخازن واستلام المبالغ توجد جهات مكلفة بهذه المهمة اذن هناك تفرغ كامل للمزارع للمهمة الزراعية مما يساعد على زيادة الانتاج وتحسن نوعيته ليقترب الانتاج من الاكتفاء المحلي كما ان للجمعيات الفلاحية دور مهم في التثقيف واقامة الدورات التدريبية وبالتعاون مع الارشاد الزراعي وكذلك بالتنسيق مع المؤسسات الاعلامية الاخرى التي تساعد على خلق جو من الاطمئنان لدى المزارع بان مابعد الانتاج توجد مؤسسات مكلفة بالعملية التسويقية وقد ترفد الجمعيات الفلاحية عملها هذا بنشاطيين مهميين هما وفود الجمعيات الفلاحية للاطلاع على التجارب الاخرى والوقوف على ماتمثله  هذه التجارب من تطور وهذا بدوره يخلق تقدم ثقافي وتطور حضاري يضيف الى الاساليب المتبعة في الزراعة زخماً جديداً .
اما الجانب الاخر فهو قد تصدر الجمعيات الفلاحية بعض النشرات والجرائد التي تعنى بالمسألة الزراعية وتكون حلقة وصل بينهما وبين الفلاح وتغذي بكل ما يحتاجه من معلومات حول كيفية استعمال الاسمدة والسقي والمبيدات مما يساعد على خلق حالة متطورة لدى الفلاح تثمر نتائجها عن زيادة ملحوظة في الناتج المحلي وبشكل متراكم مضاف الى السلع الاخرى والتي تساعد على الاكتفاء الذاتي ومن ثم تشكل حالة نهوض للدخل القومي الذي مؤشره بدوره يكون دلالة على خلق مجتمع الرخاء ويخلق العدالة الاجتماعية.

 

 
 



 صفحة للطباعة صفحة للطباعة

 أرسل هذا الخبر لصديق أرسل هذا الخبر لصديق

 
 

 
 

· البحث في اخبار تحقيقات
· البحث في اخبار جميع الصفحات


أكثر خبر قراءة في تحقيقات:
طرق تربية الاسماك الحديثة