الصفحة الاخيرة: نامي جياع الشعب نامي

 
 


أمير الحلو
لاشك أن هناك علاقة بين السعادة والتعاسة ، والوضع المالي للأنسان ، لأن أعباء الحياة ومستلزماتها تثقل من أوضاع وتفكير المحتاج، بينما قد يجد الميسور مجالات أخرى لزيادة ترفه وسعادته.



وقد أعجبتني دراسة بريطانية أشارت اليها الصحف وهي أن قلّة الراتب والحاجة تحرم الانسان من النوم، في حين يكون الثري يغط في فراشه الوثير، ولا أتكلم هنا عن التفاوت ومقولات الصراع الطبقي ولا ما جاء في الموروث من قول (عجبت لجائع لا يشهر سيفه في وجه الظلم) وغيرها من المقولات، ولكني أريد القول أن الغني والفقير قد ينامان المدة الكافية وقد لا يستطيعان، فالانسان مثقل بهمومه ولكن مع إختلاف الاسباب، فالغني يفكر في كيفية إدارة ثروته وزيادتها بالحلال أو بالاحتيال، والفقير قد يردد قول الجواهري وينام:
نامي جياع الشعب نامي      
      حرستك آلهة الطعام نامي
 فــأن لم تشبـــــعي         
          فـــــي يقظة فمن المنام
 فالفقير يفكر في يوم الغد بالضبط  وكيفية تدبير احتياجات عائلته، في حين أن الثري تمتد افكاره الى مدد زمنية أطول، فهو (ستراتيجي ) في جمع الثروة لذلك فأنه أيضا لا ينام بأرتياح دائماً ، ولكلٍ طريقته وأسبابه في عدم السعادة.
البعض يقول أن نوم الثري الطويل يعود الى توفر (مستلزمات) النوم السعيد والعميق من أفرشة وأغطية وتبريد أو تدفئة، في حين يعاني الفقير من خشونة الفراش وانعدام ظروف النوم الطبيعي علاوة على هموم العيش.
يقال (ما فاز إلا النوّم) وهذا القول لم يحدد السبب الطبقي لهذا (الفوز) في النوم وجعل الفوز مطلقاً لا علاقة له بالمستوى المادي.
وهذه الأقوال، كما هي الحالة العامة في جميع المجالات، تغفل الطبقة الوسطى التي لها همومها أيضاً مع (بعض) الكفاية في مجالات محدودة وذلك ما يجعل نومها أشبه بما يقال عنه الذئب من أن يغمض عينا ويفتح أخرى.
ما قلته مدخلٌ لتشخيص حالة يعرفها الجميع وهو أزدياد مستوى الفقر عندنا وبالتالي فأن قلّة النوم التي قد تؤثر على تفكير الفقير واستعماله (للطاقة الكهربائية) بشكل أكبر، وأعتقد أن أكثر ما يبعد النوم عن بعض الامهات والاطفال هو في التفكير بحظوظهم في بيع المناديل الورقية والسميط و(النفاخات) مع إضافة مهمة جديدة وهي بيع الشاي والقهوة من خلال المرور على السيارات تمهيداً لموسم الصيف الذي سيتغلب بيع علبة الماء البارد على الناس العطاشى على الرغم من الاجواء المناخية والسياسية السعيدة التي نعيشها، ولا أدري هل أن هذه العادات تعمّ كل محافظات العراق أم ستكون مدعاة للصراع الدائر أيضاً في جميع المجالات.

 

 
 



 صفحة للطباعة صفحة للطباعة

 أرسل هذا الخبر لصديق أرسل هذا الخبر لصديق

 
 

 
 

· البحث في اخبار الصفحة الاخيرة
· البحث في اخبار جميع الصفحات


أكثر خبر قراءة في الصفحة الاخيرة:
وفاة الفنان المصري غريب محمود وهو على خشبة المسرح