الصفحة الاولى: الافتتاحية :: تفكيك الأزمة يحول دون تفكيك البلاد!

 
 


تشهد البلاد حاليا مسلسلا من الخلافات والاحتدامات ‘ انعكست بدورها على مجالات الحياة الامنية والاقتصادية والاجتماعية ، والادهى من ذلك ان نهج التفتيت والانقسامات الطائفية والعرقية امسى ينخر في قواعد تكويننا ، واصبح ابناء شعبنا يتوجسون خيفة من ان تتحول بلادهم الى كيانات متعددة ، وان يتفتت شعبها الواحد الى شعوب ، حتى ان بعض الغيارى على بلاد الرافدين يتخوفون من اقتراب الساعة التي يعلن فيها امراء الطوائف دويلاتهم ! ووفق اجندات لا تخلو من تدخل قوى اقليمية واجنبية لا تريد الخير والوحدة للعراق . لقد تعقدت الامور وتصاعدت الصراعات ، وبلغت مدى ينذر بانفجار شامل .



ومما لاشك فيه ان اساس البلاء وبيت الداء هو التركيب الشاذ للعملية السياسية التي صممها الحاكم الامريكي بريمر بعد الاحتلال عن طريق مجلس الحكم ، فهذه العملية التي قامت على المحاصصة لابد وان تكون بطبيعتها طاردة للوفاق والاتفاق الوطني ، فكل طرف يتمسك بحصته ويحاول ان يقضم من حصة الاخر والاستئثار والانفراد بكل شيء، وبهذه المحاصصة اختفت قواعد العدالة ، وضاعت المقاييس وحل عمى الالوان ، واختلط الحابل بالنابل ، ولم نعد نفرق بين الصالح والطالح في خضم الصراعات الطائفية والعرقية التي لا يراد منها مصلحة البلاد . ولابد لنا من الاشارة الى ان قوى الظلام واقطاب القتل والمقابر الجماعية بدأوا بالظهور من جديد .. كما ان جماعات استغلال الدين لاغراض سياسية تحاول تصدر المشهد السياسي كما حصل في بلدان عربية عديدة.
 ان ما يجري اليوم من خلافات واهتزازات امنية ، ينذر باخطار كبيرة تهدد وحدة بلادنا بشريا وجغرافيا ، لذا فاننا نطالب الحكومة ان تبادر الى تطويق هذه الاخطار ، ووضع الحلول اللازمة والعادلة لها . وبهذا الصدد فاننا نقترح للخروج من الازمة ما يلي :
اولا: ان تبادر الحكومة بالاستجابة لمطالب المتظاهرين المشروعة ، وبخاصة قضايا المعتقلين السياسيين ، والذين قضوا فترات طويلة في المعتقلات دون محاكمة ، والبت في امورهم بسرعة مع اعطاء الاولوية الاستثنائية للنساء المعتقلات ، وعدم التشدد في تطبيق المساءلة والعدالة مع الذين لم يرتكبوا جرائم بحق الوطن والمواطنين ، وعدم حرمانهم من العمل والتقاعد ، ومعالجة قضايا الدعاوى الكيدية والمخبر السري ، وتعويض الذين وقع عليهم الحيف والظلم ، ومراعاة حقوق الانسان في السجون والمعتقلات .
      كما اننا بالوقت الذي نطالب فيه بتطبيق العدالة والمساواة بين ابناء شعبنا الواحد ، وعدم قطع الارزاق ، فلا بد من التاكيد على وحدة الموقف الوطني لدرء الاخطار التي تتعرض لها البلاد من خلال تدخل بعض القوى الاقليمية والاجنبية في الشأن العراقي ، والتنبه لما تبيته القوى الظلامية على مسرح الاحداث من تآمر.
ثانياً : توفير الاجواء المناسبة للحوار بين الحكومة المركزية وحكومة اقليم كردستان العراق ، ورغم علمنا المسبق بوجود قضايا عديدة مختلف عليها كقضايا العلاقة بين الاقليم والمركز ، وقضايا النفط والغاز ، والمادة (140) من الدستور ، والمناطق المتنازع عليها ، والقضايا المتعلقة بالبيشمركة وغيرها ، ونحن نعتقد بان عودة القوات العسكرية المركزية وقوات البيشمركة الى مواقعها السابقة قبل أحداث طوزخرماتو ، وتشكيل قيادة عمليات دجلة ، تمثل الخطوة التي ستمهد بدون شك الطريق للحوار السلمي والجاد بعيداً عن التوترات والتهديدات ،
       وهذا من شأنه خلق أجواء الثقة والتخاطب المباشر لحل الاشكالات القائمة بين ابناء البلد الواحد.
ثالثاً : تفعيل مبادرة فخامة رئيس الجمهورية ( نسأل الباري عز وجل أن يمنّ عليه بالصحة والعافية) في عقد اجتماع وطني يضم القوى الوطنية المشاركة في السلطة وغير المشاركة ، من أجل ترسيخ الوحدة الوطنية والتوصل الى الحلول اللازمة ، وتطويق حالات التأزم ، وتنفيذ الاتفاقات التي  تمت سابقاً ، ووضع قواعد راسخة بين القوى الوطنية من شأنها توسيع إطار المصالحة الوطنية ، والمشاركة الشعبية ، بما يمكن من تعزيز وحدة البلاد الوطنية والوقوف بوجه القوى التي تريد الشر للعراق .
إن انتهاج طريق الحوار والاعتراف بالآخر ، والعمل من أجل رفع الحيف والظلم الذي نال المواطنين طيلة عهود الاستبداد ، هو الطريق الوحيد لبناء البلاد على أسس موحدة، وجبهتنا الداخلية قوية ، وبلادنا منيعة وقادرة على دحر الذين يضمرون الشرّ للعراق .

 

 
 



 صفحة للطباعة صفحة للطباعة

 أرسل هذا الخبر لصديق أرسل هذا الخبر لصديق

 
 

 
 

· البحث في اخبار العمالية
· البحث في اخبار جميع الصفحات


أكثر خبر قراءة في العمالية:
الذهب حين يتحول الى نحاس .. قائمة من (المغشوشات) يتصدرها الذهب