وثائق: خطة انقلاب الإخوان! / الحلقة الاولى

 
 


محمود صلاح يكتب: محامي الإخوان الذي كشف عقيدة القتل عند التنظيم السري
وقف المحامى هنداوى دوير، مسؤول الجهاز السرى للإخوان في إمبابة، أمام محكمة الشعب يروى تفاصيل الخلافات التى دارت داخل الإخوان بالنسبة إلى موقفهم من الثورة، ما بين فريق محايد وفريق قرر الاتجاه للإرهاب، وبدأ بمحاولة اغتيال الرئيس جمال عبد الناصر في ميدان المنشية، والتخطيط للتخلص من أنور السادات.
ثم عاد ليروى بتفصيل أكثر قصة عضو الإخوان محمود عبد اللطيف الذى نفذ محاولة إطلاق الرصاص على الرئيس جمال عبد الناصر.
- فقال:



"نرجع لقصة محمود.. محمود راح مؤتمر الموظفين ولم يعمل شيئا.. وليلة الحادث جانى البيت الساعة 11 مساء. قال لى الرئيس مسافر بكرة إسكندرية.
وأنا مسافر وراه وجاب لى جريدة (القاهرة).
- قلت له: بلاش يا محمود هذا المشوار!
قال لى: لا.. أنا مسافر!
كان محمود متحمسا لهذا العمل.
- فقلت له: طيب سافر!
وسافر يوم الثلاثاء. في نفس اليوم جاب لى الأستاذ إبراهيم الطيب اللغم والحزام والطبنجة. أنا عرضتها على محمد على نصيرى. فاعترض على اللغم. وقال ده غير عملى، لكن إبراهيم قال لى إن العسكريين قالوا إن دى طريقة عملية.
يوم الثلاثاء أنا كنت رحت المحكمة حضرت القضية، هذا ثابت. والساعة 2 رحت البيت اتغديت، ثم حضر الأستاذ إبراهيم الطيب ومعه اللغم والطبنجة، بعد حضوره مباشرة حضر الأستاذ عبد العزيز كامل. قال لى "هات" إبراهيم يتغدى عندى. وبهذه المناسبة إبراهيم الطيب قال لى "ماتقلش أى حاجة لعبد العزيز لأنه عارض الإرهاب. عبد العزيز جه في الساعة دى. وعزم عليه يروح ياكل معاه. لكن الغداء كان أمام إبراهيم فرفض. وقعد عبد العزيز كامل آكل معاه. بعدين واحد فلسطينى جه للأستاذ عبد العزيز في شقته.. وخدامته جت ندهت له فخرج!
ويكمل هنداوى دوير اعترافه..
- فيقول: قعدت أنا وإبراهيم الطيب للساعة خمسة ونصف. حضر محمد نصيرى وعرض عليه اللغم فرفض وأخذ الطبنجة. بعد كده أنا رحت البيت بعدها، أنا عارف إن محمود في إسكندرية. وأنا في الطريق للمنزل علمت أن محمود عبد اللطيف اعتدى على الرئيس. وأنه والحمد لله الرئيس نجا من الطلقات!
"فأنا قدرت أنه سيقبض علىّ. فأخذت الست بتاعتى الساعة 5, 9 مساء ونزلنا بسرعة. أخذنا القطار الساعة عشرة من الجيزة. سفرتها على المنيا. ورجعت صباحا إلى القاهرة. وأول عمل سلمت نفسى لمركز إمبابة".
وأنا راجع في الطريق قدرت عدة مسائل. منها أن الدعوة يسيطر عليها ناس غير مسؤولين. إذا كان موقفي هذا مؤسفا. فإنى آسف كل الأسف. أتحمل مصيرى بكل شجاعة. لأن الذى يعمل خطأ لازم يتحمل نتيجة عمله.
- يسأله رئيس المحكمة جمال سالم: فيه حاجة تانية؟
يقول هنداوى دوير: بخصوص الحادثة نفسها مافيش!
- يقول له جمال سالم: فيه حاجة تانية بخصوص غير الحادثة؟
- يقول هنداوى دوير: النظام السرى.
- جمال سالم: هل لك أقوال تانية عايز تقولها من غير أسئلة نوجهها لك؟
هنداوى دوير: أيوه.
- جمال سالم: تفضل.
هنداوى دوير: بس أنا لى شكوى.. الأستاذ حمادة الناحل اعترض على أنى محام.
- جمال سالم: أنا رديت عليه.
هنداوى دوير: الإنسان لا يصح أن يجهز على جريح. ولم يكن يليق به يطعنى في هذا الموقف. وبينى وبينه خصومة، لأنه يحضر ضدى في قضايا خاصة!
- جمال سالم: مافيش طعن.
هنداوى دوير: النظام السرى أنشئ من أيام الأستاذ حسن البنا الله يرحمه، لمحاربة الإنجليز والملك فاروق، وكان على رأسه الأستاذ حسن البنا باعتباره المرشد العام، وكان يرأسه الأستاذ عبد الرحمن السندى. النظام السرى ده اشترك في حرب فلسطين. والطلائع الأولى كانت منه، وكان يسمى النظام الخاص، هدفه تحرير البلاد الإسلامية من الاستعمار الأجنبى، وهو كفكرة وأساس فكرة لا غبار عليها، لأن المسلم يجب أن يجهز تجهيزا كاملا. والذى لا يعرف الحرب لا يكون مجهزا تجهيزا كاملا، وهذا ما قاله الرسول.
وكان لا بد من التخفي، لأن الدولة ستقاوم أى تسلح. وبعد موت الأستاذ البنا كان الأستاذ عبد الرحمن السندى يرأس الجهاز الخاص، وكان من جماعات، كل جماعة من خمسة أشخاص برياسة واحد، وتنتهى الرياسات إلى الأستاذ السندى، ومعظم الجهاز في القاهرة كما هو الحال الآن، لأن الجهات البعيدة عن القاهرة لا تيسر لهم فهم أغراضه.
ثم اختير الأستاذ حسن الهضيبى مرشدا عاما، وبهذه المناسبة الأستاذ البنا ترك مئة شخص أو أكثر. كلهم زى بعض. وكان الأستاذ البنا غاوى "فاترينات".
- يقول له جمال سالم رئيس المحكمة: غاوى إيه؟
يرد هنداوى دوير: فاترينات.. يعنى الفاترينة تبقى في شارع فؤاد والمحل في الظاهر! ومعنى ذلك أنه كان يختار أشخاصا غرباء في الهيئة التأسيسية. فمثلا واحد وكيل نيابة فصل لاتهامه برشوة، والأستاذ البنا عينه في الهيئة التأسيسية، والواقع أن الهيئة دى في وجود البنا لم يكن لها قوة، فلما مات بدأت تأخذ طابع التوجيه، اختلفت على الرياسة، فانتخب الأستاذ الهضيبى لحل الخلاف!
ويكمل هنداوى دوير قصة الإخوان..
فيقول: وأول ما جه الهضيبى أعلن أن النظام السرى أخطأ، وأن قتل الخازندار كان غير إسلامى، وأن قاتله يدخل النار، بدأ الصراع بينه وبين عبد الرحمن السندى، وانتهى الأمر بفصل السندى وبعض إخوانه. بعد كده قيل إن الهضيبى جاب قيادة أخرى لهذا النظام، وبدأت القيادة الجديدة تنظم نفسها وتتصل بالإخوان. وبعدين هرب عبد المنعم عبدالرؤوف.
- جمال سالم: مين ده؟
هنداى دوير: ضابط في الجيش كان يحاكم.
- جمال سالم: طيب.. طيب.
هنداوى دوير: رأت قيادة النظام السرى بعد حربه أن تستعين بمعلوماته العسكرية وإبراهيم الطيب جابه لى بيتى. وقعد 3 أيام في ضيافتى وكان أولادى مسافرين. وإبراهيم قال لى "ده ضيف سرى"، وكان يحضر ويجتمع به.
على أثر ذلك نظم الجهاز السرى إلى جماعات، كل جماعة من سبعة، وكل أربع جماعات تكون فصيلة، تستعد للتسليح بالمدافع والقنابل والطبنجات.. ده الترتيب.. وافتكر إن دى صورة معقولة عن النظام السرى.
ونرجع بقى للفكرة العامة عن اتفاقية الجلاء، بعد الاتفاقية قيل إن الثورة تتجه بالبلاد بعيدا عن الإخوان، وأن تقوم حكومة أخرى من غير الإخوان، لأن البلاد غير مستعدة لتقبل النظم الإسلامية مرة واحدة ويستحسن التدريج.
لم يكن في ذهن الإخوان أن يحكموا، وعلى هذا الأساس رتبت خطة قتل الرئيس جمال عبد الناصر وأعضاء القيادة، وخطف الضباط الأحرار، وإبراهيم الطيب قال لى إن فيه اتصال بالرئيس محمد نجيب. على أساس إنه يهدى البلد في أثناء الاضطراب.
- يقاطعه جمال سالم: كده؟
يرد هنداوى دوير: أيوه يا أفندى.. وأنا قلت له يا أستاذ إبراهيم انتم عايزين تستغلوا نجيب لتهدئة الاضطراب واثقين منه؟ فقال لى فيه صلة بيننا وبينه، ومش ضرورى نكشف أوراقنا!
كان الاعتراف باسم محمد نجيب كأنه قنبلة انفجرت فجأة!
ومضى المحامى هنداوى دوير يكشف المزيد من التفاصيل قائلا:
وبهذه المناسبة ليلة المرشد ما جه من سوريا كنا في البيت عنده. والتليفون ضرب في البيت، فقام أخ من الإخوان رد على التليفون.
- وقال: ده الرئيس نجيب بيسأل على المرشد عايز يكلمه ضرورى. وقال لما يقوم من النوم قولوا له إن الرئيس نجيب سأل عليك!
وده حصل ليلة حضور المرشد من سوريا، ولذلك أنا صدقت إبراهيم الطيب، كما قال لى إن فيه صلة بين الرئيس نجيب والجهاز السرى!
يلتفت جمال سالم رئيس المحكمة إلى ناحية هيئة الادعاء..
- ويسأل: الادعاء عايز يناقش؟
يقول المدعى: الخطة العامة لتهدئة الحالة دى المقصود منها إيه؟
هنداوى دوير: كان المقصود أن الإخوان يعملوا ثورة شعبية.
- جمال سالم: أيوه.
هنداوى دوير: كان الأول أن الإخوان يعملوا ثورة شعبية، ولكن أخيرا قرروا القيام بإرهابات تؤدى إلى اضطرابات، ثم سيطرة اللواء نجيب على الموقف، ثم قيام حكومة يرضى عنها الإخوان!
- جمال سالم: الخطة إيه؟
هنداوى دوير: الاعتداء على الرئيس ورجال القيادة وحدوث اضطرابات ونجيب يسيطر على الوضع. والخطة توضع في قيادة النظام السرى باطلاع المرشد، وأنا أعرف بعض أشخاص هذا النظام وهم إبراهيم الطيب ويوسف طلعت ودول في القسم المدنى، وصلاح شادى مسؤول عن الضباط الإخوان في البوليس أو الجيش، وتعرض الخطة على المرشد فإذا أقرها تنفذ.
- جمال سالم: والمهيمن على النظام ده مين؟
هنداوى دوير: إبراهيم الطيب ويوسف طلعت وصلاح شادى في ما أعتقد. ودول يقرروا والمفرض إنهم يعرضوا الأمر على المرشد.
- جمال سالم: النظام ده يتبع المرشد.
هنداوى دوير: لازم يتبع المرشد.
- جمال سالم: إنت قلت إن أيام البنا كان هو يرأس النظام بنفسه. وكان فيه رئيس آخر هو السندى؟
هنداوى دوير: أيوه.
- جمال سالم: الآن بعد قتل البنا هل النظام يتبع لمكتب الإرشاد أو الجمعية التأسيسية أو المرشد.
هنداوى دوير: للمرشد!
وينتقل جمال سالم إلى سؤال هنداوى دوير عن النظام الداخلى للإخوان.
- فيقول لدوير: فيه مرشد؟
يرد هنداوى: أيوه
- جمال سالم: يتبعه نظام له أفراد هم طلعت والطيب وصلاح شادى.
هنداوى: أيوه.
- جمال سالم: الرياسة يتفرع منها نظام مدنى وحربى.
هنداوى دوير: أيوه.
- جمال سالم: ونظام الفرعين دول إزاى؟
هنداوى دوير: قسم الضباط لا أعلم عنه شيئا، لأنه مثلا أيام الأستاذ البنا كان تابع له كله مباشرة، لكن القسم المدنى له فصائل وفروع، والفصيلة مكونة من 30 شخصا لها قائد ورديف. وبعدين يفضل 28 ودول يقسموا أنفسهم إلى أربع جماعات كل جماعة 7 أفراد.
- جمال سالم: إيه اللى تعرفه عن النظام السرى الموجود الآن ومناطقه.
هنداوى دوير: مناطق القاهرة بالذات كل منطقة لها فصيلة.
- جمال سالم: هى كام منطقة؟
هنداوى دوير: 7 في القاهرة و3 في الجيزة.
- جمال سالم: ممكن تعددها؟
هنداوى دوير: إمبابة.. أنا أرأسها وبين السرايات برياسة على الفيومى والجيزة برياسة أخ اسمه يوسف. والفسطاط برياسة عبد العزيز أحمد والعباسية برياسة الخضرى وشبرا برياسة شديد، ومنطقة الوسط برياسة أخ اسمه سيد سالم.. يبقوا كام؟
- يرد عليه المدعى هذه المرة قائلا: بقوا سبعة!
يقول هنداوى: ومش فاكر المناطق التانية.. وجايز لوجه الحق إن رئيس المنطقة مايكونش رئيس الفصيلة، لأن رئيس المنطقة لو كان كبيرا في السن يختار غيره لرياسة الفصيلة. في إمبابة مثلا كان رئيس المنطقة الدكتور حسن باشا، وده مدرس في كلية الآداب في الجامعة، ولا يعرف عن النظام السرى شيئا، وأنا كنت رئيس الجهاز.
- يسأله جمال سالم: الجزء اللى أنت شرحته خاص بالقاهرة. هل يرأسه إبراهيم الطيب؟
يقول هنداوى دوير: أيوه.
- جمال سالم: فيه نظام آخر خارج القاهرة؟
هنداوى دوير: جايز.. لكن ما أعرفش حاجة عنه.
- يقول له جمال سالم: والرياسة بتاعة النظام لما تقترح خطة تعرضها على مين؟
يقول هنداوى دوير: الرياسة تعرض على المرشد. فإن وافق يرسل الأمر إلى الطيب ثم لى.
- جمال سالم: وإذا لم يوافق؟
هنداوى دوير: خلاص!
- جمال سالم: هل يبلغ لك القرار؟
هنداوى دوير: لا.. وفي حكاية محمود عبد اللطيف بالذات. أنا سألت إبراهيم فقال إن المرشد أمر بذلك!
- جمال سالم: يعنى ده اعتقادك؟
هنداوى دوير: نعم ده اعتقادى الكامل أن المرشد يعلم.
- يعود المدعى ليسأله: تعرف على نيوتو؟
يقول هنداوى: أيوه.. أمين صندوق المنطقة.. وهو ليس رديفا لى وأقسم بشرفي أنه لا يعلم أى شىء. بدليل أن المأمورية كان مكلفا بها أحد غير محمود عبد اللطيف، اسمه محمد على نصيرى من فصيلة أخرى. فلو نيوتو معانا في النظام كنت أنا كلفته. الإخوان في إمبابة إحنا شكلناهم وعملناهم جماعات. ولسه مجرد تشكيل، ولم ندربهم ولا نظمناهم.
- المدعى: كان فيه سلاح في إمبابة؟
هنداوى: أيوه.. لما إبراهيم أبلغنى الخطة جاب لى أربع عمليات لاغتيال الرئيس. الأولى عملية محمود عبد اللطيف بالطبنجة، والثانية عملية نصيرى بالطبنجة، والثالثة عملية الحزام الناسف، والرابعة مدفعين لإطلاقهما على ركب الرئيس جمال. بمعرفة أشخاص يختارهم إبراهيم.
- يسأله جمال سالم: في أقوالك قلت إن النظام السرى كان له هدف في عهد البنا.. إيه الهدف ده؟
يقول هنداوى دوير: أصلا لحرب الإنجليز والملك فاروق.
- يسأله جمال سالم: وما الهدف الذى تبلور إليه النظام الخاص بعد الثورة؟
يقول هنداوى دوير: قبل الثورة النظام ارتكب عدة اغتيالات، زى قتل الخازندار أيام الأستاذ البنا، ففهم أن هذا من تقاليد النظام!
- جمال سالم: بعد الثورة.. كان النظام يحارب إيه؟
هنداوى دوير: إلى ما بعد المعاهدة كان الإنجليز لسه موجودين.
- جمال سالم: ده هدف.. بعدين؟
هنداوى دوير: وفاروق مشى!
- جمال سالم: يبقى خلاص دى!
هنداوى دوير: وحماية الدعوة من أى اعتداء.
- جمال سالم: باعتبارك الشخصى.. فكرت بعد قيام الثورة في أن معسكر الشباب والحرس الوطنى كانا لمحاربة الإنجليز؟
هنداوى دوير: طبعا لحرب الإنجليز.
- جمال سالم: هل اعتقدت في قرارة نفسك أن الإخوان يقدروا يعملوا حاجة زى الحرس الوطنى؟
هنداوى دوير: ماجاش في ذهنى هذه المقارنة!
- جمال سالم: الهدف واحد.
هنداوى دوير: آه.. لكن النظام الخاص كان مكتب الإرشاد يحاربه. وينتئت على سلطته ويحاربه.
- جمال سالم: كنت قلت إن الإخوان بدؤوا يشحنون نفوس الأعضاء ضد اتفاقية الجلاء؟
هنداوى دوير: أيوه.. نزل بيان المرشد عمله في سوريا وبيان لمكتب الإرشاد. فيهما أن المعاهدة ضارة بالبلاد. اللى كانت مقدمة نحو إقامة حكومة جديدة.
- يسأله المدعى: مين المسؤول عن المنشورات؟
يقول هنداوى: النظام الخاص هو المسؤول. وكانت تأتينى من إبراهيم الطيب.
- يعود جمال سالم ليسأله: الأوامر التى تصدر من النظام الخاص.. تناقش أو لا تناقش؟
يقول هنداوى دوير: أيوه يا أفندم.. قلت إن أيام الأستاذ البنا كان موثوقا به.. وكانت الأوامر لا تناقش، فلما ارتكبت في أيامه اغتيالات كانت الأوامر تناقش، ولذلك قلت لمحمود فكر ثلاثة وأربعة. قبل ارتكاب الجريمة، لأنك مكلف بعمل يمكن تتهم بأنك خائن لما تعمله!
- جمال سالم: وهل ناقشت إبراهيم الطيب؟
هنداوى دوير: ناقشته للاستيثاق.. قال لى إن المرشد هو اللى أمره بالقتل!
- جمال سالم: يعنى ديكتاتورية؟
هنداوى دوير: طبعا!
- جمال سالم: نظام خاص ديكتاتورى؟
هنداوى دوير: أيوه.
- جمال سالم: وده يمشى مع الشريعة الإسلامية؟
هنداوى دوير: لا يا أفندم!
- جمال سالم: الأسلحة اللى جت عشان الحادث راحت فين؟
هنداوى دوير: الأخ عبد الحميد البنا ساكن في وراق العرب. أنا قلت له استأجر شقة حجرتين. ناخد منها أوضه مالكش دعوة بها. فقال حاضر. فأخذنا أوضه وضعنا فيها الأسلحة دون علمه!
- جمال سالم: يعنى عبد الحميد البنا ماكانش في النظام؟
هنداوى دوير: أنا وضعته في الفصيلة ولكن لم تكن بعد. الفصيلة كانت في البداية مكونة منى ومن محمود عبد اللطيف وعلى نيوتو.
ويعود المدعى محمد التابعى لمحاولة رفع الستار عن موقف الإخوان من الثورة..
- فيسأله: ما التيار الثالث في الإخوان المسلمين غير تيار المحايدين والمؤيدين للثورة؟
يقول هنداوى دوير: كان فيه فريق ثالث يمكن رئيسه الأستاذ المرشد يقاوم الثورة، ويعتبر أنها خانت البلاد، ولا أعرف أفراد هذا الفريق.
- المدعى: وكيف كانت تحقق التصرفات من الوجهة الإسلامية في الجهاز السرى؟
هنداوى: القيادة تقترح أمورا ثم تعرضها على الأستاذ المرشد. بعد أن تحققها من الناحية الإسلامية.
- المدعى: هل فيه قتل إسلامى وقتل غير إسلامى؟!
- هنداوى: الإسلام حدد خمس حالات لقتل المسلم، ليس منها فكرة القتل السياسى، باعتبار أن هذا القتل قتل عمد، صاحبه يدخل النار. ومع هذا فقد أصبح القتل من تقاليد الجهاز السرى!
عندما جاء الهضيبى أعلن أن النظام السرى أخطأ وأن قتل الخازندار كان غير إسلامى وقاتله يدخل النار
هنداوى: قبل الثورة النظام ارتكب عدة اغتيالات زى قتل الخازندار ففُهم أن هذا من تقاليد النظام!
جمال سالم: بعد قتل البنا هل النظام يتبع مكتب الإرشاد أم الجمعية التأسيسية أم المرشد؟ هنداوى: للمرشد!
كان فيه فريق رئيسه هو الأستاذ المرشد يقاوم الثورة ويعتبر أنها خانت البلاد
دوير:الحمد لله.. لم أذهب إلى الله بدماء عبد الناصر!
واصلت محكمة الشعب سماع أقوال هنداوى دوير..
ولم يحاول دوير إخفاء شىء، تحدث باستفاضة عن أسرار الإخوان وخططهم السرية وأفكارهم.
وكشف هنداوى دوير سر اختفاء مرشد الإخوان حسن الهضيبى. بعد المحاولة الفاشلة التى قام بها محمود
عبد اللطيف لاغتيال الرئيس جمال عبد الناصر. وأيضا أسرار اختفاء أعضاء الجهاز السرى للإخوان بعد الحادث!
كان جمال سالم رئيس المحكمة يسأل.. وهنداوى دوير يجيب بلا تردد!
سأله جمال سالم: لما صدر قرار حل الإخوان في يناير سنة 1954.. إيه اللى قالوه لكم الإخوان؟
رد هنداوى دوير قائلا: إحنا قرأنا البيان وعرفنا أن من ضمن أسباب حل النظام السرى أن الإخوان شعروا أنهم معتدى عليهم، وأن الثورة لا تريد أن يبقى أحزاب ولا إخوان. ولما عادت الثورة وأفرجت وأعادت الجماعة انتهى الأمر!
- جمال سالم: أنت قلت إن كان فيه نظام سرى غير شرعى. فهل ترضى كمواطن أن تعيش في دولة لا تحترم فيها القوانين؟
هنداوى دوير: لا.. ولذلك أنا سلمت نفسى!
ويستمر جمال سالم في مناقشة هنداوى دوير..
- فيقول له: يعنى مافيش مسلمين غير الإخوان؟ ماحدش يدخل الجنة غير الإخوان؟
يرد هنداوى: لا.. فيه مسلمين أكرم من الإخوان!
- يقول له جمال سالم: يبقى إيه الضرورة بعد حل الإخوان. في تحولهم إلى نظام سرى؟ الإسلام في كل الأرض وفي كل النفوس دون جماعة. ومعنى هذا أن فكرة الإسلام خرجت من الجماعة اللى تحولت إلى نظام خاص يعمل فوق الأرض وتحت الأرض!
يقول هنداوى: الفكرة أصبحت جماعة!
- يرد عليه جمال سالم: جماعة لها اسم.. وحقيقته الله أعلم بها!
يقول هنداوى: بالضبط.. الله أعلم!
- يقول له جمال سالم: في كلامك قلت إن الإخوان لم يكونوا يريدون الحكم.
يقول هنداوى: الآن على الأقل!
- جمال سالم: وقلت إن في الجمعية التأسيسية ناس لا يفهمون في الإسلام، ولا يطبقونه، فكيف ترضى لنفسك بالعمل تحت أمرهم؟ ومن هؤلاء؟
هنداوى: كيف ارتضيت لنفسى هذا؟ إحنا كنا نعتبر أن هذا خطأ، وكنا نحاول الإصلاح، والهيئة التأسيسية كان في يدها كل شىء. واختيارهم لمدى الحياة. وباقى الإخوان يرفضون وقاموا بمجهود كبير. حتى عدل قانون الهيئة التأسيسية إلى اختيار أعضائها بالانتخاب، أما أن أشخاص الهيئة التأسيسية لم يكونوا من الإخوان لا دراية لهم بالإسلام، فقد أدى ذلك إلى عدم احترام هذه الهيئة، ومع ذلك ففيها أشخاص مسلمون من الطراز الممتاز.
- يقاطعه جمال سالم: احنا ماقلناش الكل.. قلنا البعض!
يقول دوير: مثلا واحد اسمه عبد الحليم مطر، مفتش في المعارف لا صلة له بالإخوان. والأستاذ عبد الحكيم عابدين ده تركه من أيام الأستاذ البنا. والإخوان كانوا لا يرضون عنه لأسباب كثيرة. ومع ذلك كان ينتخب في مكتب الإرشاد، ويبقى سكرتير عام رغم أنفنا، ولو امتد الأجل بالجماعة كان حصل الكثير، لكن هذه إرادة الله، وأنا شخصيا منذ موت البنا لم أحضر درس الثلاثاء واعتكفت سنة عنهم!
- يقول له جمال سالم: إيه رأيك كمواطن.. التركة الموجودة في الإخوان أثقل.. أو التركة الموجودة في البلد؟
يقول هنداوى دوير: التركة الموجودة في البلد أثقل بلا شك.. لأن الإخوان جزء من البلد.
- جمال سالم: نسيتم موقف البلد المثقلة بالديون؟
هنداوى: ده كان متروك للحكومة!
- جمال سالم: إنت سبت لها فرصة؟ أنت اشتغلت في الجهاز السرى وعامل رئيس وبتضرب؟
يقول هنداوى دوير: أنا أعترف أنى أخطأت!
هل عاون نجيب الإخوان في محاولة الانقلاب على ناصر؟
هنداوى: المنشورات كانت توزَّع علينا بأمر المرشد.. ويــــــــــذيعها الجهاز السرى
وهنا ينبرى مدعى المحكمة ليتدخل في المناقشة..
فيسأل هنداوى دوير: لماذا لا يصلح عبد الحكيم عابدين للحكم؟
يرد قائلا: لأسباب شخصية وخلقية أعف عن ذكرها!
يقول جمال سالم من مكانه على المنصة: لا داعى للتعرض للأشخاص.. دى مسائل شخصية!
يقول المدعى لهنداوى: وإيه حكاية وكيل النيابة اللى طلع بتهمة الرشوة؟
يرد هنداوى: ما أعرفش! وما أقدرش أقول اسمه!
المدعى: والمنشورات؟
هنداوى: المنشورات كانت توزع علينا بأمر المرشد. ويذيعها الجهاز السرى وكان فيها تفسيرات للموقف السياسى.
يسأله جمال سالم: ليه مارحتش أنت تقتل الرئيس جمال عبد الناصر. وأنت مقتنع وبتجند الناس وأقدم من محمود عبد اللطيف في الجهاز السرى.. اشمعنى أرسلته للقتل ولم تذهب أنت؟
يرد هنداوى قائلا: أنا مش مدرب تدريبا كافيا!
جمال سالم: يعنى محمود عبد اللطيف مدرب؟
هنداوى دوير: كان في فلسطين والقنال!
جمال سالم: يبقى زيك في التدريب.
هنداوى: أنا في حياتى أطلقت خمس طلقات، وأنا في الحرس الوطنى.. بس ماقدرتش أستمر. لأنى لم أستطع التوفيق بين الحرس ومكتب المحاماة!
جمال سالم: واستطعت التوفيق بين الحرس الوطنى والجهاز السرى؟
هنداوى دوير: والله أنا كنت عايز أدخل الحرس الوطنى للفكرة الوطنية. لكن المذكرات تراكمت علىّ في المكتب!
يلتفت جمال سالم إلى المدعى محمد التابعى..
يقول المدعى لهنداوى دوير: ليه عملتم الجريمة دى قبل تأهيل البلد؟
يرد هنداوى دوير قائلا: يسأل في هذا الرؤساء!
المدعى: مين اللى كان رايح ييجى يحكم بعد الثورة؟
هنداوى: محمد العشاوى وأفتكر مش بالتأكيد الأستاذ عبد الرحمن عزام اللى كان أمين الجامعة العربية. وكان اسمه يتردد. لكن الأمر صدر بالاغتيال فنفذناه!
جمال سالم: ألم تناقش فيه؟
هنداوى: لا!
المدعى: لماذا اختفى المرشد وأعضاء الجهاز السرى؟
- هنداوى: لما اختفى المرشد أنا سألت إبراهيم الطيب عن السبب. فقال هو المرة الماضية اعتقلوه وفيه الآن فكرة لاغتياله فاختفى. قلت له "ويعنى انت فاكر إنه راح يفلت". مافيش طريقة إلا إذا طلع بره خالص. وقلت له "أنا عايز أعرف حالا وأعمل تحقيق عن سبب اختفاء المرشد. لأن ده تصرف أهوج". فقال لى يوسف طلعت إن المرشد بات بره ليلة. فقام البوليس فتش بيته في الليلة دى. فرأى أنه لا يعود إلى بيته. قلت له "ألا تعلم أن هذا الاختفاء يثير الفزع في نفوس الإخوان؟"، فقال لى "دى غلطة وخلاص". قلت له "لازم يظهر". قال "مش دلوقت"!
المدعى: ولماذا اختفى أعضاء الجهاز السرى؟
هنداوى: لأنهم معروفون للبوليس!
المدعى: ماكانش فيه حاجة.. الحكومة قالت إنها لن تقبض على المرشد.
هنداوى: خافوا من الاعتقال لأن الحكومة غير راضية عنهم.

 

 
 



 صفحة للطباعة صفحة للطباعة

 أرسل هذا الخبر لصديق أرسل هذا الخبر لصديق

 
 

 
 

· البحث في اخبار وثائق
· البحث في اخبار جميع الصفحات


أكثر خبر قراءة في وثائق:
شيمون بيريز مسح له الحذاء وجولدامائير كرمته جمعة الشوان (حكاية مصري قهرالموساد)