الصفحة الاولى: الافتتاحية :: محاسبة المقصرين من رجال الأمن ضرورة وطنية!

 
 


شهدت البلاد استمرار اعمال العنف وخصوصاً في الاونة الاخيرة نتيجة عوامل عديدة، فعلاوة على رغبة الجهات المنفذة للعمليات الارهابية تصعيد الموقف وزيادة حدة الانقسام الداخلي وخصوصاً في المجال الطائفي، فان هذه الظاهرة المؤسفة تحتاج الى اجراءات عملية للحد منها في مقدمتها المحاسبة الحقيقية والمستمرة للمقصرين والمتهاونين في أداء واجباتهم، وكذلك وضع قواعد وطنية عادلة للوظيفة الامنية وابعادها عن اية اسباب وتأثيرات لا علاقة لها بالواجب الاصلي ولاهدافها.



ومن المؤلم حقاً ان الناس في بلادنا قد اعتادوا في الآونة الاخيرة استمرار رؤية اشلاء ابناءهم كل يوم وهي ممزقة بفعل اعمال العنف التي تضرب كل المجالات في البلاد ومنها دور العبادة التي جرى التركيز عليها في الاونة الاخيرة لاغراض مفاقمة الاوضاع الطائفية وتعميق الانشقاق بين ابناء الشعب وتنغيص حياتهم، والاستمرار في العنف وكما قالت العرب (نعمتان خفيتان، الصحة في الابدان، والامن في الاوطان) فأين نحن الآن مما ينشده الناس وخصوصاً في مجال الامن الذي بات يقلق الشارع العراقي نتيجة عوامل عديدة ابرزها عجز الاجهزة الامنية عن أداء واجباتها في حماية المواطنين وممتلكاتهم، واصابتها بالانكماش والتماهل وعدم توفر اليقظة الكاملة في مواجهة جهات تخطط وتنفذ بالشكل الذي تراه زمانياً ومكانياً؟
اننا عندما نتحدث عن الاجهزة الامنية واوضاعها التي لا تحسد عليها، يجب الاّ نتجاهل قوى الارهاب التي تريد تمزيق العراق الى كيانات هزيلة، كما يجب الاّ نهمل الدور التي تقوم به بعض القوى الاقليمية في التحريض والتوجيه والتمويل، لان ما يجري من الدعم العلني يكشف ابعاد المخطط الموضوع لتمزيق وحدة العراق واضعافه لارادة قوى التخلف والمال المستخدم في التآمر والتدخل في شؤون الدول الاخرى، وقيام كيانات هزيلة يسهل التحكم في شؤونها واخضاعها لارادة الاخرين.
ان كل ماذكرناه لا يعني عدم تحميل الاجهزة الامنية المسؤولية الاولى في كل ما يحدث من اختراقات امنية وخسائر فادحة في الارواح والممتلكات. فهذه القوات تبلغ الان بحدود مليون وربع مليون شخص من مختلف الصنوف، وهنا نتسائل كم هو العدد المطلوب لاستكمال عملية فرض الامن في البلاد؟
برأينا ان الامر لا يتعلق بالعدد فقط وانما بالكفاءة والايمان والانتماء للوطن، وكذلك في محاسبة المقصرين، والتفتيش الدائم على ارض الواقع لمعرفة حقيقة الاوضاع مع الاعتماد على المعلومات الاستخبارية اكثر من العمليات الروتينية ومنها نقاط التفتيش التي لا تقدم اية خدمة في الجانب الامني ولكنها تعرقل حركة النقل وتضيّق على المواطنين.
ان الخلل الاساسي في ضبط الامن هو في كيفية تركيب هذه القوى من خلال محاصصة الاحزاب الحاكمة وتحكمها في جميع الامور،مما يخرج القوات الامنية عن اطارها المعروف وواجباتها في المحافظة على الامن والهوية الوطنية.
إننا عندما نشير الى استفحال ظاهرة العنف والاختراقات الامنية فان غرضنا هو تنبيه المسؤولين للاهتمام بهذا الجانب الحيوي، مع تساؤلنا عن سبب عدم محاسبة المقصرين على اهمالهم بدليل بقاء اكثرهم في مواقعهم وحتى في مناطق العنف والاختراقات الامنية المتكررة، وهل ان الوظيفة الامنية اصبحت للمكاسب فقط في حين يجب ان تكون تضحية ويقظة وحفاظاً على حقوق المواطنين في العيش بامن واستقرار! وفي الامتحان كما يقال (يكرم حارس الامن او يهان)، لذلك فان ابناء شعبنا يطالبون بمحاسبة العناصر المخلة بالقوانين وخصوصاً في جوانبها الامنية، ومن المفترض وبعد الاخفاقات المتكررة ان يجري تطهيرها والتخلص من العناصر المنفلتة، لان الاستمرار في ذلك له جوانب سلبية عديدة، فعلاوة على قلق المواطن امنياَ ومعيشياً وخدماتياً، فانه قد يضطر الى ترك البلاد والهجرة الى الخارج تخلصاً من الموت والمصاعب.
إننا نعتقد ان الامن غير مجرد عن السياسة، وذلك يتطلب تصحيح العملية السياسية، وفي مقدمة ذلك الغاء الطائفية السياسية ونظام المحاصصة، مع ضرورة تحقيق المصالحة الوطنية التي تقوم على الاعتراف بالآخر وليس التعامل معه كتابع تملي عليه سياستها.
إن كل ذلك يمكن تحقيقه من خلال الدعوة الى عقد اجتماع وطني واسع يعتمد على مساهمة القوى المشاركة في الحكم وغير المشاركة، وذلك لحل كل الاشكالات الطائفية والخلافات بين الكتل السياسية ومجلس النواب. وكذلك العمل على بناء دولة مدنية ديمقراطية، تساوي بين العراقيين لحشد امكانياتهم دفاعاً عن الوطن.. فالعراق مستهدف وحمايته من مسؤولية الجميع.

 

 
 



 صفحة للطباعة صفحة للطباعة

 أرسل هذا الخبر لصديق أرسل هذا الخبر لصديق

 
 

 
 

· البحث في اخبار الصفحة الاولى
· البحث في اخبار جميع الصفحات


أكثر خبر قراءة في الصفحة الاولى:
تطبيق قانون التقاعد الموحد وصرف فروقات وزيادات الرواتب الشهر الحالي